الثلاثاء، 29 مايو 2012

تعز العنقاء التي تولد من رمادها من جديد: بوصلة الثورة 4


            عندما خرج الشباب والتحقت بهم "الجموع" الى الشارع مطالبين برحيل "علي صالح" ورموز حكمه الفاسدين، لم تثنيهم أو ترهبهم الفزاعات التي أطلقها "اللانظام"، مثل: الصوملة والعرقنة، وتفكك اليمن الى دويلات، وسيطرة القاعدة وانهيار البلد..كما لم يعيروا اهتماما للترغيب والترهيب، المباشرة وغير المباشرة من قبل "حاشيته"، فقد خرج "الشباب" وكل فئات المجتمع وهم مستعدون لدفع حياتهم ثمن للحرية والتغيير مصرين على استعادة القيم ووضع اسس الدولة المدنية الحديثة التي حلموا بها طويلا. ولم يتورع "اللانظام" في استخدام كل الأساليب والوسائل القذرة من اعتقال وتنكيل وقتل في سبيل بقائه مستوليا بالسلطة ومستاثرا بالثروة. 

            ولم يتبارد الى أذهان الكثيرين، ان "اللانظام" وأزلامه يحملون كل هذا الحقد والكراهية لمدينة تعز وأبنائها، الذين انتفضوا ضده في 11 فبراير، وخرجوا في اكبر تظاهرة عرفتها المدينة في 22 مايو 2011، والتي تجلت بارتكابهم جريمة العصر "محرقة ساحة الحرية" يوم الحقد الأسود "الهلوكست" بتاريخ 29 مايو2011، حيث تم تدمير كل مافي الساحة، بل وقتل كل من يعترض طريق من اقتحمها، وهم يعلمون جيدا ان شباب الساحة لايحملون "اي سلاح" وان نضالهم كان سلميا، رافضين استخدام السلاح كما هي عادة ابناء تعز التواقين دائما الى الدولة المدنية الحديثة. أرادوا حرق الأمل وإطفاء نور الحرية والتغيير لأنهم يعلمون بان "تعز" هي الرئة التي تتنفس منها الثورة وحاضنتها.انها تعز طائر العنقاء الذي يولد من رمادها من جديد.

      وخاب ظن "اللانظام"، ان هذه المدينة وأبنائها سينكسرون ويعزفون عن المضي في الثورة وعن تحقيق حلمهم "وان تظل المدينة حالمة" للأبد، ولم يدرك ان المدينة لم ولن تصبح "حالمة" بل "حاسمة" بحسمها قرارها باستمرار الثورة وتحقيق حلمها بغد افضل، فلملموا أشلائهم وجراحهم، لتشتعل الثورة أكثر وازداد وهجها لتتكاثر الساحات، وتصبح تعز كلها ساحة للحرية والتغيير والثورة.

والان وبعد مرور سنة، استطاعت الثورة، ان تزيح "رأس النظام" من على هرم السلطة، لتجرده من صفته، وأصبح نكره، يحاول جاهدا ان يستعيد الماضي بكل ما "نهبه" من اموال الشعب وثرواته، مستخدما "اذكاء العنصرية" في صفوف مواليه في الجيش والأمن، واهما نفسه بقدرته على إعادة عجلة التاريخ للوراء، وان لم يتم االتدافع لحماية الثورة والالتفاف حولها، فانه سيعمل وكل من يشعر بان التغيير سيأتي ضد مصالحهم، لامحالة في إبطاء حركة التغيير وليدفع "الشعب" ثمنا ووقتا اكبر لانجاز دولتهم المدنية.

فذكرى "المحرقة" ستظل حاضرة في الأذهان، وفي ذاكرة الاجيال المتعاقبة، لمعرفة وحشية وحقد "اللانظام"، وهنا لانريد زرع الحقد والكراهية، فالثورة بذورها الحب والإخاء، بل للتذكير ولاستحضار روح التغيير وان تظل أهداف الثورة نصب أعين الشباب، خاصة بمرور الوقت وطوله، حيث فقدوا قدرتهم على تحديد اولوياتهم والاليات والأدوات لتحقيقها، وتشتت جهودهم في كيانات صغيرة لا تستطيع ان تفي بمفردها تنظيم تظاهرة يعتد بها، واتجه الكثيرين منهم لممارسة العمل السياسي، ليغفل الفعل الثوري "الجنون" نقطة ومصدر قوة "الشباب" واداة الضغط الرئيسة لتستجيب لمطالبهم كل القوى السياسية والمجتمع الإقليمي والدولي.

كما يتوجب على الشباب عدم نسيان "المحرقة" ومافعله الحاقدون وان يظلوا اوفياء للثورة وللشهداء ولتعز، ومتابعة وملاحقة مرتكبيها وكل من مارس القتل والتنكيل امثال: قيران والعوبلي وضبعان ..حيث لم ينالوا عقابهم جراء جرائمهم، بالإضافة الى ان الجرحى لايزالوا يعانون التمييز في المعاملة ولم يلقوا الاهتمام والعناية المناسبين.

وأتمنى ان تكون هذه الذكرى مناسبة لإعادة التفكير والتأمل وتقييم مسار الثورة، وما الت اليه، لنستطيع تحديد بوصلتها، لإعادة زخمها وترتيب أولوياتها والياتها وادواتها، والاستفادة من الماضي وعدم تكرار أخطاءه، وان نحد من الآثار السلبية للتدخل الخارجي، الذي ادى الى ابطاء الثورة وحرفها عن مسارها، ليقرر الشباب اي نوع الأدوات "الجديدة" التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم.

وفي الأخير، فان الرد العملي لدحر هذه القوى الرجعية ووقف مشاريعها التأمريه، والتي تسعى لإعادة عقارب الساعة للوراء، ان يعى ويتنبه كافة الثوار وابناء "الشعب" والعمل على دفع عجلة التغيير وإعلاء صوت الثورة، وعلى أبناء تعز عقد لقاء تشاوري لأبنائها يحدد خلاله أولويات "المدينة" للمرحلة القادمة، لتكون تعز النواة الصلبة للثورة والتغيير ولبناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة.

الخميس، 24 مايو 2012

اهم التحديات الاقتصادية، والحوار ومؤتمر اصدقاء اليمن


         تعد مشكلة الفقر وارتفاع معدلاتها، وما يرافقه من تفاقم في حدة التفاوت في توزيع الدخول والثروات التحدي الابرز والاخطر لما له من تداعيات على مجمل النشاط الاقتصادي ولاثره في انتشار العنف والنزاع الشخصي والاجتماعي مما ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية وشيكة، بل قد يؤدي الى انهيار البلد، حيث يصل من هم تحت خطر الفقر الى اكثر من 60 % من السكان، وفق تقديرات الكثير من الباحثين الاقتصادين، وبحسب وجهة نظري قد يصلون الى اكثر من 80% بالنظر الى واقع دخول اصحاب المهن الحرة وموظفي الدولة وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع نسبة الاعالة، وتجاوز معامل جيني، الذي يقيس توزيع الدخول، الاربعين في المائة خاصة وان متوسط دخل الفرد اليمني لا يتجاوز في افضل حالاته ال 700 دولار في السنة، كما لا نقلل من خطورة التحديات الاقتصادية الاخرى، كالبطالة والتضخم، اللذان يسهمان في زيادة وتفاقم وتيرة معدلات الفقر، ولذا فالتغلب عليهما سوف يسهم في الحد او ازالة هذا التحدي، ولتجاوز هذه التحديات يتوجب اولا،"استكمال اسقاط النظام"، ليمهد الطريق لاصلاحات سياسية وامنية حقيقية بالاضافة الى اتخاذ خطوات جادة لمكافحة الفساد، ، للسعي لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني، وضمان اعلاء قيم الحرية والعدالة والمساواة، "فالتنمية حرية" هذه القيم ستضمن وتدعم ديمومة نهج الاصلاح والتغيير والبناء والتنمية. 

     وبذلك سوف يتحقق الاستقرار الاقتصادي، الذي يعني الحد من تدهور المؤشرات الاقتصادية الكلية، بل والعمل على تحفيز نموها، مثل النمو الاقتصادي، ومعدلات البطالة، التضخم، وتهيئة المناخ الملائم للاستثمار المحلي والاجنبي...، مما يحد من انتشار الفقر والجوع وتفاوت توزيع الدخول، الملائم للاستثمار والانطلاق نحو النمو والتنمية المستدامة، بتوفير عناصرها المتمثلة بالتغيير البنياني الشامل، بايجاد ادوات وتنظيمات جديدة، تفضى الى تغيير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السلبية القائمة، واحداث الدفعة القوية عبر توفير الخدمات الاساسية والبنى التحتية، وتنمية الموارد البشرية، وتوفير المبالغ المالية اللازمة، وتعبئة كافة طاقات وامكانيات المجتمع وتنفيذ استراتيجية ملائمة تحقق الاستقرار السياسي والامني وتبني اهداف اقتصادية واجتماعية عادلة تحقق مستوى رفاهية اعلى للمجتمع للخروج من حلقة التخلف المفرغة والشروع في التنمية المستدامة. 

      كما نؤكد بان التحديات الاقتصادية واثارها السلبية تهدد الوحدة بشكل مباشرة وغير مباشر، فضعف التوزيع العادل للثروة والدخول، باستئثار فئة معينة على الثروة، يؤدي الى استشعار البقية بالغبن والظلم، مما يولد التذمروالميل الى النزاع والرفض والخروج عن الدولة، والمطالبة بفك الارتباط او البحث عن شكل للدولة يضمن "ازالة الظلم" وتؤمل الحصول على "جزء من الثروة"، وهذا ما جعل الكثيرين يطالبون "بالفيدرالية لاقاليم او لمحافظات"، وقد تتطور مطالب الناس "من يشعرون" بالضيم والاجحاف الى الانفصال وفك الارتباط، كما يحدث في صعدة والمناطق الجنوبية وتهامة وغيرها من المناطق اليمنية. 

      ولايمكن تجاوز هذه التحديات الا بالبدء الفوري باجراءات يلمسها المواطن العادي، تعمل على ارساء قيم "العدالة والحرية والمساواة"، وملامسة ومعالجة مشاكل الناس، بالحد من الفقر والبطالة والتهميش، وتحقيق المواطنة القائمة على المشاركة الحقيقية التي تضمن كرامة الانسان اليمني. 

       ومما لاشك فيه بان "الاقتصاد" سيكون حاضرا في طاولة الحوار، الى جانب القضايا الاساسية ك "تحديد شكل الدولة" و"الدستور"، واستكمال هيكلة الجيش، كما ان الاصلاح السياسي يعد مدخل اساسي للاصلاح الاقتصادي. ونود التنويه الى ان تفاقم الاختلالات الاقتصادية هي نتاج لسؤ ادارة الحاكم للبلاد، حيث اخفقت الحكومات السابقة في تحقيق اصلاح اقتصادي وفشلت في تنفيذ سليم لبرنامج الاصلاح الاقتصادي، بل ان سوء تنفيذه ساهم في تفاقم الاختلالات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة على السواء، ولم تسطع في الحد من انتشار البطالة والفقر ورفع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي، وعليه فضعف اداءها يعد السبب وراء خروج الناس للشارع المطالبة بالتغيير، وعليه يتوجب ادماج الشباب وطموحاتهم واشراكهم في الحياة السياسية والاقتصادية وتحسين مستوى التعليم ليتمكنوا من الالتحاق والحصول على العمل المناسب لمؤهلاتهم وانتشالهم من براثن البطالة والفقر وتحسين مستوى وضعهم الاقتصادي وتوفير وتحسين فرص الحصول على السكن. 

ورغم اني لست من مؤيدي الاعتماد على الموارد الخارجية، حيث ينبعى وانصح الحكومة، اولا، بالسعي والبحث عن كيفية استغلال الموارد الذاتية، وتعبئة الطاقات والامكانات المحلية، الا ان الموارد " الدعم الخارجي"، يصبح ضرورة في حالة كاليمن لم يصل الى حالة الاستقرار السياسي، والامني، ولم تستطع الحكومة الحالية اعادة توفير ايرادات للبلاد من الموارد المتوفرة والتي لا تحتاج الى ادارة كفؤة، مثل اعادة تصدير النفط والغاز بنفس الطاقة السابقة، والاسماك والسياحة وغيرها ...، وارى ان اهم الاحتياجات العاجلة تتمثل في ايقاف التدهور في الخدمات الاساسية والبنى التحتية، والعمل على تطويرها ودعم وتحقيق الاستقرار الامني، ليتعافى النشاط الاقتصادي والبحث والتركيز على المشاريع الصغيرة القادرة على امتصاص جزء كبير من البطالة وبالتالي من الفقر، والاهتمام بالتعليم بكافة اشكاله، وتهيئة المناخ للاستثمار المحلي والاجنبي، لتستفيد من الدعم المقدم لتحقيق اهداف الالفية الثالثة الثمانية بحلول العام 2015 والذي يتوجب على اليمن تقليص نسبة السكان من هم تحت خط الفقر الى 20% بحلول العام 2015. 


الأربعاء، 2 مايو 2012

الشباب والحوار بوصلة الثورة 3


استطاعت الثورة بعنفوانها و"جنونها" ان تجبر "علي صالح" بالبحث عن خروج من السلطة باقل الاضرار، محاولا الحفاظ على ماء الوجه، والتنازل عن "منصبه" وبالتالي من الحياة السياسية، اثر مجزرة جمعة الكرامة، وانضمام معظم فئات المجتمع للثورة، المطالبة بالتغيير، بعد ان عجزت كل الاساليب السياسية "الديبلوماسية" ومنها الحوار عن ايجاد ارضية جيدة لاجراء انتخابات نزيهة.

فتدخل العمل السياسي من جديد، رغم اعلان قادة المعارضة عدم جدوى العمل السياسي مع نظام لايفهم ولايعي اهمية لغة الحوار، ظنا من البعض ان هذا التدخل في هذه اللحظة سيكسر جمود الفعل الثوري، المتوهج حينها، وان ذلك سوف يساعد على تعرية "النظام" محليا واقليميا، كما يمكن احداث التغيير باقل كلفة على حد قولهم، وربما كان التدخل بغرض تصدر المشهد السياسي والثوري معا. الا ان ذلك سمح للتدخل المحلي والاقليمي والدولي، منذ اول وساطة "علي محسن، والسفير الامريكي" لاخراج علي صالح من "السلطة"، مما فتح الابواب على مصراعيها للتدخلات من خارج الثورة، الامر الذي جعل الكثير من الثوار، شيئا فشينا، يترقب هذا التدخل الذي تنامى يوما بعد يوما لتحصر الثورة في الساحات، ويعيد النظام "ترتيب اوراقه" ..وربما سبب هذا التدخل لخفوت وهج الثورة، بانتظار ثمار نتائج الوساطات. وكان من المفترض ان يرفض الثوار كل اشكال الوساطات والتدخلات.

فاقحام العمل السياسي في الثورة، جعل "الفعل الثوري" يخفت تدريجيا ليصبح منقادا للعمل السياسي، بدلا من كونه قائدا ومحركا في بداية اندلاع الثورة، خاصة وان كل قواعد الاحزاب "المعارضة" مشاركة في الساحات وبقوة، قبل وبعد اعلانها التخلي عن الحوار مع "صالح" واتخاذ قرار الالتحاق بالثورة.

هذا التدخل، احدث بطء في الفعل الثوري ونتائجة على الواقع، وقلل وحد من اندفاع الثورة حيث عقلنت الثورة وحوصرت في "الساحات" في انتظار توقيع "الحاكم" على خروجه من المشهد السياسي، مراهنين على المجتمع الدولي والاقليمي في الضغط عليه ونقل السلطة. أي استطاع الفاعل السياسي من اقناع "بعض الثوار" على نجاعة ما ذهب اليه، وان كل الطرق سوف تحقق كل اهداف الثورة، وباقل التكاليف، او مراهنا على رفض الاخر قبول الحل السياسي، مما يعني تعريته، وأن يجعل المجتمع الدولي والاقليمي يقف ضده، وأن تزداد رقعة المتذمرين شعبيا لتكتمل الثورة. ولم يدرك ان الاتفاقات السياسية بالمقابل سوف تحد من قدرة "المعارضة" ومن يثق بهم من قواعد، على تحريك الشارع فهم جزء من الاتفاق الاقليمي والدولي ويصبح قيدا عليهم للالتزام بالاتفاق "المبادرة" وبل وايقاف التصعيد الثوري.

وتدريجيا حدث تناغم بين "العمل السياسي والفعل الثوري" وخصوصا بين قادة الاحزاب وقواعدها، تجسد التناغم باقناعهم قبلا، بضرورة المشاركة في الانتخابات، وتم الترويج لها في "ساحات الثورة" لتعلن اللجنة التنظيمة صنعاء، "جمعة صوتك مكسب للثورة" للدعوة للانتخابات.

وحاليا تمر الثورة بمرحلة اخرى، يتم الدعوة اليها على استحياء، بسبب ضعف الحجة لاقناع الشباب بالحوار ولم يتحقق بعد اقله اقالة اقارب علي صالح من مناصبهم ، حيث تحاول حكومة الوفاق ان تقنع قواعد الاحزاب والشباب المستقل بدخول الحوار، في الوقت الذي تنادي فيه الاحزاب بهيكلة الجيش قبل الشروع بالحوار، معتبرة ان ذلك سوف يعمل على تهيئة الحوار، متناسية في نفس الوقت تهدئة التصعيد الاعلامي بين مكونات الثورة نفسها. كما لم تراعي ايضا "مشاعر" كل من خرج الى الثورة راجيا التغيير الذي يحقق ويجسد القيم التي كان مستعدا للتضحية من اجلها "الحرية والعدالة والمساواة" وهدم النظام السابق بدأ بترحيل اقارب علي صالح ورموز حكمه الفاسدين.

ومما لاشك فيه فان الحوار كوسيلة يمثل اسلوبا حضاريا والوسيلة الانسب لتحقيق النتائج الاقل كلفة اقتصاديا واجتماعيا، بدلا من الصراع والنزوع للحرب، بالبحث عن نقاط الالتقاء وتجاوز مواطن الخلاف، ولنجاح الحوار يتوجب توفر شروط اهما: زرع الثقة بين جميع الاطراف، والاستعداد للتنازل من اجل المصلحة العامة، وتكافؤ القوى الداخلة في الحوار، بحيث تجرد القوى التي تمتلك ادوات فرض وتجيير نتائج الحوار لصالحها " السلاح والمال والاعلام"، وهنا الشباب يمثلون الحلقة الاضعف " لافتقادهم لنقاط القوة التي كانت لديهم "الفعل الثوري"، فالارادة الشعبية هي من اجبرت الجميع للانصياع لمطالبهم ودفعت المجتمع الاقليمي والدولي للاستجابه لها.

وعلى طاولة الحوار، لاتوجد شروط مسبقة، كما لايوجد سقف للحوار، مما يعني ان الثورة ستنتقل من مربع "فرض تحقيق اهدافها كاملة" الى مربع "الممكن السياسي"، لتحقيق بعضها، مع اطالة امد وزمن تحقيق "هدم" النظام الفاسد، ووضع اسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، فسقف "العمل السياسي منخفض، لخضوعه للتفاوض والحوار، بعكس الفعل الثوري الذي لايهادن ولايحاور ولايفاوض، بل ربما من الممكن ان يحدث اجهاض للتغيير، ويحرف الثورة عن مسارها، اذا ما تحالفت قوى المصالح مرة اخرى، في ظل تراخي الفعل الثوري.

فبعد ان كان مطلب اقالة اقارب علي صالح ورموز حكمه ومحاكمتهم طلب اصيل، يتم نقل هؤلاء في مناصب ووظائف اخرى بحجة اضعاف دورهم كمرحلة اولى، ويتم تدوير المناصب في الدولة، بغض النظر عن فساد الاشخاص ليتم تدوير الفساد والمفسدين، بدلا عن محاسبتهم ومحاكمتهم.

في الاخير، اتمنى ان لا ينزلق "الشباب نحو الحوار" دون وعي ومعرفة نتائجة السلبية في حال عدم توفر الشروط الملائمة لانجاحه وفرض اهداف الثورة، ليتم دفن الفعل الثوري نهائيا، فعن اي حوار نتحدث ولا زالت المسيرات والمظاهرات محصورة على مناطق معينة، وكيف نتحاور وكل من ثرنا عليهم لايزالون يسيطرون على اهم مفاصل الدولة، والمشائخ والمتنفيذين والامن القومي يخصص لهم مايقارب 13 مليار في حكومة الوفاق، التي مهمتها الاساسية التغيير والاصلاح، ولايزال الفاسدون مستمرون في فسادهم. وعليه يتوجب اعادة ترتيب صفوف الثورة، ليتم تدعيم واعادة تفعيل الفعل الثوري، عبر بناء قاعدة عريضة، باعتباره الاداة الوحيدة التي ستجبر الاخر على الانصياع نحو الاعتراف بالثورة كشرط اساسي، لتكون قاعدة الحوار "اهداف الثورة" لا "القرار الاممي والمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية"، وعليه ادعوا جميع الثوار مستقلين ومنتمين للاحزاب، للعودة الى الفعل الثوري المنظم، القادر على فرض شروطه، فالثائر "يرفض" دائما حتى تحقيق كل اهدافه، ان يناضل حتى اخر رمق. حيث يقع على عاتقنا مسئولية تاريخية تجاه الوطن، في هذه المرحلة الحرجة، والتي تمثل الفرصة الاخيرة التي يتوجب على اليمنيين جميعا التمسك فيها لتحقيق كل اهداف الثورة وتجسيد القيم التي خرجنا من اجلها، فثورتنا "ثورة استعادة للقيم" لا ثورة اسقاط اشخاص واستبدالهم باخرين لا تحكمهم القيم التي تعد الضامن الحقيقي لتقوية وديمومة اسس الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تكفل امن الانسان اليمني وتصون كرامته.