تعد مشكلة الفقر وارتفاع معدلاتها، وما يرافقه من تفاقم في حدة التفاوت في توزيع الدخول والثروات التحدي الابرز والاخطر لما له من تداعيات على مجمل النشاط الاقتصادي ولاثره في انتشار العنف والنزاع الشخصي والاجتماعي مما ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية وشيكة، بل قد يؤدي الى انهيار البلد، حيث يصل من هم تحت خطر الفقر الى اكثر من 60 % من السكان، وفق تقديرات الكثير من الباحثين الاقتصادين، وبحسب وجهة نظري قد يصلون الى اكثر من 80% بالنظر الى واقع دخول اصحاب المهن الحرة وموظفي الدولة وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع نسبة الاعالة، وتجاوز معامل جيني، الذي يقيس توزيع الدخول، الاربعين في المائة خاصة وان متوسط دخل الفرد اليمني لا يتجاوز في افضل حالاته ال 700 دولار في السنة، كما لا نقلل من خطورة التحديات الاقتصادية الاخرى، كالبطالة والتضخم، اللذان يسهمان في زيادة وتفاقم وتيرة معدلات الفقر، ولذا فالتغلب عليهما سوف يسهم في الحد او ازالة هذا التحدي، ولتجاوز هذه التحديات يتوجب اولا،"استكمال اسقاط النظام"، ليمهد الطريق لاصلاحات سياسية وامنية حقيقية بالاضافة الى اتخاذ خطوات جادة لمكافحة الفساد، ، للسعي لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني، وضمان اعلاء قيم الحرية والعدالة والمساواة، "فالتنمية حرية" هذه القيم ستضمن وتدعم ديمومة نهج الاصلاح والتغيير والبناء والتنمية.
وبذلك سوف يتحقق الاستقرار الاقتصادي، الذي يعني الحد من تدهور المؤشرات الاقتصادية الكلية، بل والعمل على تحفيز نموها، مثل النمو الاقتصادي، ومعدلات البطالة، التضخم، وتهيئة المناخ الملائم للاستثمار المحلي والاجنبي...، مما يحد من انتشار الفقر والجوع وتفاوت توزيع الدخول، الملائم للاستثمار والانطلاق نحو النمو والتنمية المستدامة، بتوفير عناصرها المتمثلة بالتغيير البنياني الشامل، بايجاد ادوات وتنظيمات جديدة، تفضى الى تغيير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السلبية القائمة، واحداث الدفعة القوية عبر توفير الخدمات الاساسية والبنى التحتية، وتنمية الموارد البشرية، وتوفير المبالغ المالية اللازمة، وتعبئة كافة طاقات وامكانيات المجتمع وتنفيذ استراتيجية ملائمة تحقق الاستقرار السياسي والامني وتبني اهداف اقتصادية واجتماعية عادلة تحقق مستوى رفاهية اعلى للمجتمع للخروج من حلقة التخلف المفرغة والشروع في التنمية المستدامة.
كما نؤكد بان التحديات الاقتصادية واثارها السلبية تهدد الوحدة بشكل مباشرة وغير مباشر، فضعف التوزيع العادل للثروة والدخول، باستئثار فئة معينة على الثروة، يؤدي الى استشعار البقية بالغبن والظلم، مما يولد التذمروالميل الى النزاع والرفض والخروج عن الدولة، والمطالبة بفك الارتباط او البحث عن شكل للدولة يضمن "ازالة الظلم" وتؤمل الحصول على "جزء من الثروة"، وهذا ما جعل الكثيرين يطالبون "بالفيدرالية لاقاليم او لمحافظات"، وقد تتطور مطالب الناس "من يشعرون" بالضيم والاجحاف الى الانفصال وفك الارتباط، كما يحدث في صعدة والمناطق الجنوبية وتهامة وغيرها من المناطق اليمنية.
ولايمكن تجاوز هذه التحديات الا بالبدء الفوري باجراءات يلمسها المواطن العادي، تعمل على ارساء قيم "العدالة والحرية والمساواة"، وملامسة ومعالجة مشاكل الناس، بالحد من الفقر والبطالة والتهميش، وتحقيق المواطنة القائمة على المشاركة الحقيقية التي تضمن كرامة الانسان اليمني.
ومما لاشك فيه بان "الاقتصاد" سيكون حاضرا في طاولة الحوار، الى جانب القضايا الاساسية ك "تحديد شكل الدولة" و"الدستور"، واستكمال هيكلة الجيش، كما ان الاصلاح السياسي يعد مدخل اساسي للاصلاح الاقتصادي. ونود التنويه الى ان تفاقم الاختلالات الاقتصادية هي نتاج لسؤ ادارة الحاكم للبلاد، حيث اخفقت الحكومات السابقة في تحقيق اصلاح اقتصادي وفشلت في تنفيذ سليم لبرنامج الاصلاح الاقتصادي، بل ان سوء تنفيذه ساهم في تفاقم الاختلالات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة على السواء، ولم تسطع في الحد من انتشار البطالة والفقر ورفع معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي، وعليه فضعف اداءها يعد السبب وراء خروج الناس للشارع المطالبة بالتغيير، وعليه يتوجب ادماج الشباب وطموحاتهم واشراكهم في الحياة السياسية والاقتصادية وتحسين مستوى التعليم ليتمكنوا من الالتحاق والحصول على العمل المناسب لمؤهلاتهم وانتشالهم من براثن البطالة والفقر وتحسين مستوى وضعهم الاقتصادي وتوفير وتحسين فرص الحصول على السكن.
ورغم اني لست من مؤيدي الاعتماد على الموارد الخارجية، حيث ينبعى وانصح الحكومة، اولا، بالسعي والبحث عن كيفية استغلال الموارد الذاتية، وتعبئة الطاقات والامكانات المحلية، الا ان الموارد " الدعم الخارجي"، يصبح ضرورة في حالة كاليمن لم يصل الى حالة الاستقرار السياسي، والامني، ولم تستطع الحكومة الحالية اعادة توفير ايرادات للبلاد من الموارد المتوفرة والتي لا تحتاج الى ادارة كفؤة، مثل اعادة تصدير النفط والغاز بنفس الطاقة السابقة، والاسماك والسياحة وغيرها ...، وارى ان اهم الاحتياجات العاجلة تتمثل في ايقاف التدهور في الخدمات الاساسية والبنى التحتية، والعمل على تطويرها ودعم وتحقيق الاستقرار الامني، ليتعافى النشاط الاقتصادي والبحث والتركيز على المشاريع الصغيرة القادرة على امتصاص جزء كبير من البطالة وبالتالي من الفقر، والاهتمام بالتعليم بكافة اشكاله، وتهيئة المناخ للاستثمار المحلي والاجنبي، لتستفيد من الدعم المقدم لتحقيق اهداف الالفية الثالثة الثمانية بحلول العام 2015 والذي يتوجب على اليمن تقليص نسبة السكان من هم تحت خط الفقر الى 20% بحلول العام 2015.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق