الجمعة، 15 فبراير 2013

مقابلة مع صحيفة الجمهورية - قضية تعز


درس الاقتصاد وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة السربون الفرنسية وبادر كأستاذ جامعي إلى ساحة الحرية بتعز وترأس المجلس الثوري فيها.. إنه الدكتور صلاح المقطري استاذ الاقتصاد كلية التجارة والاقتصاد جامعة صنعاء ـ عميد كلية 11فبراير للعلوم السياسية، ساحة الحرية تعز.. الذي يرى في الفيدرالية حلاً لمشكلات ومفاسد النظام المركزي ويعتقد أن أبناء كل محافظة إذا لم يلتفوا حول قضيتهم فسيكونون مسئولين عن عدم تحقيق مطالبها.. على هامش الاحتفال بذكرى 11فبراير في تعز كان هذا الحوار مع الدكتور صلاح وفيه تجليات عزيمة الشباب ووعيهم وصمودهم في مطالبهم بالحرية والعدالة والمساواة وبكلمة واحدة.. الإنصاف وإلى الحوار: 

صور غريبة 

> عندما عدت من فرنسا بعد غياب كيف كان شعورك وأنت تطأ أرض الوطن؟
شاهدت صورا غريبة وسلوكيات بعيدة عن المدنية أناسا بملابس رثة ومتباينة وجوعى يفترشون ميدان التحرير والشوارع في قلب العاصمة صنعاء وشكل الناس ومبانيهم وكأن الجميع خارجون من حرب أو ناجون من كارثة.. بعد أربع سنوات لم أزر فيها اليمن لم أكن أتخيل وجود مآس بهذا الشكل، وهذا أظن أن غيري يشاهده ويتألم ويتكيف مع المناظر السيئة إلا أن أشكال التلوث السمعي والضوضاء في حياتنا لا يمكن التكيف معها وكذا طريقة تفكير الناس وإن اعتدنا عليها كضرورة.. هناك سلوكيات تهدد صحة الإنسان منها: البصق في الشارع ورمي القات بعد التخزينة في الأماكن العامة وإغفال الآداب عندما يأتي أحد ليسألك عن شيء دون إلقاء التحية وينصرف دون كلمة شكر، أيضاً الناس يتحدثون عن النظافة بأنها من الإيمان كما في الحديث الشريف وهي العبارة الأكثر انتشاراً في اليمن لكن السلوك مختلف. 

انحدار النخبة 

الأسوأ أن النخبة اندمجت مع العامة فلا توجد نخبة إلا في التفكير النخبوي والجميع ينشدون التغيير لكنهم يحتاجون إلى سلوك إيجابي، سلوك حضاري وهذا ليس مجرد كلام ومن المتعلمين والمحسوبين مثقفون يبصقون القات في الشارع ويصرخون بلا سبب حتى على زوجاتهم في البيوت هذا سلوك ناس عاميين وإن صدر عن منظرين.
تضحية من أجل التعليم
بما تفسر ذلك؟
مقارنة بما كنا نشاهده ونسمع عنه في السبعينيات والثمانينيات أعتقد أن النخبة تآكلت والقيم دمرت فقد كانت سلوكيات النخبة مدنية ومعاملاتهم راقية مع الآخرين وخاصة في تربية الأبناء وتسهم المدرسة في ذلك وكان الاهتمام بالتعليم يدفع الآباء إلى التضحية بالغالي لأن الثمرة مضمونة والحصيلة سلوك إيجابي وثقافة أفضل وهذا ما امتازت به محافظة تعز لقدرة أبنائها على التكيف وقبول الآخرين واستيعاب الجديد النافع بسرعة لأنها مدينة طبيعتها ثقافية تستطيع استعادة طبيعتها المدنية لأن أبناءها قادرون على التكيف مع الآخرين وسرعة تقبلهم للآخرين واستيعابهم للجديد واحترام القانون وقواعد السلوك العام. 

مشكلات 

> لكن إحياء القيم والسلوك الإيجابي هدف عام لكل اليمنيين أليس كذلك؟ 

البداية ممكنة بالجزء المهيأ وتعز مهيأة ويمكنها أن تصبح نموذجاً لكل اليمن ولا يمكن يقبل أبناء تعز أن يصبحوا جزءا من المدنية فيما لا تزال المركزية التي هي أساس الفساد وبالتالي أهلها معنيون بصناعة النموذج أو الدفع باتجاه الأخذ بالنظام الفيدرالي بحيث يصبح لهذا النموذج صلاحياته المالية والإدارية وشرطته المحلية وتشريعاته ولذا نلوم النظام المركزي فقد عممت مشاكله بدليل إذا أرادت السلطة المحلية إحداث تنمية حقيقية في سواحلها وتحديداً المخا فسوف تواجه مشكلة الأراضي وتأثير المركزية وسيصادف المسئول مشكلة تغيير الموظفين؛ لأن ذلك يحتاج إلى قرار لا مركزي. 

الفيدرالية 

> هل يمكنكم توضيح طبيعة الفيدرالية التي تدعون إليها؟ 

هي ليست فيدرالية الأقاليم الخمسة؛ او الستة او السبعة فبحسب نظري، هذا سينقل صراعات الأمس مرة أخرى بسبب الصراع على السلطة داخل الأقاليم ويعني أن تكيف أبناء إحدى المحافظات مع غيرها في الاقليم لن يكون سريعاً وبالتالي نكون قد نقلنا الصراع بين المركز والأطراف إلى مراكز الأطراف وأطرافها.. يجب أن نبحث عن حلول جذرية لمشاكل اليمن والأفضل هو الفيدرالية ولكون النظام يقوم على الرغبة في العيش المشترك وإلا يظل الصراع، والفيدرالية لا تعني التقسيم والانفصال.
انتقال الصراع
ونريد الفيدرالية لـ 17اقليما وهي عدد المحافظات في اليمن قبل الوحدة منها المحافظات الست في الجنوب.. أما الاقاليم الخمسة فستجعل أبناء محافظة ما يشعرون باستعلاء أبناء محافظة ثانية في نفس الاقليم فمثلاً بعض مناطق محافظة متجانسة مع تعز والبعض الآخر غير متجانس ويعيش صراعات قبلية، والمحافظة كإقليم سيدفع إلى التنافس في البناء بين الاقاليم وليس في الصراع ولفترة معينة إذا وجد بعدها أن الاقاليم الخمسة أفضل يمكن الانتقال إليه. 

قضية 

> وماذا عن الهوية الوطنية في ظلمة الولاءات الضيقة؟ 

الهوية الوطنية والولاء لدولة وحكومة اتحادية لا يتعارض مع هوية ابن تعز أو لحج أو إب أوعدن فالفيدرالية التي نراها تمنع المركز من استخدام مناطق أداة لمآرب سلطوية وإذا قلنا بأن تضم عدن ولحج وتعز في اقليم واحد من خمسة أو ستة اقاليم سيتحسس البعض وواقع الحال يؤكد ذلك فيما يتهم به أبناء تعز من قيادات منهم دفعوا بالجنوبين إلى الوحدة الاندماجية فإذا قبل أبناء تعز بهذا فكأنهم دخلوا في صراع ضد القضية الجنوبية وهي قضية عادلة ولتعز قضيتها. 

احساس بالمعاناة 

> ماهي قضية تعز؟
في 11فبراير 2011م الذي نحتفل بذكراه الثانية عبر أبناء تعز داخل محافظتهم وفي كل المحافظات تقريباً كونهم الأكثر احساساً بالمعاناة والتهميش وهذا سينجم مع طريقة تفكيرهم الرافضة للمعاناة والمنحازة دائماً إلى التغيير والتطلع إلى مستقبل أفضل إلى الحياة المدنية وسيادة قيم الحرية والعدالة والمساواة فيما مناطق أخرى منجرفة إلى القبلية لا إلى الدولة المدنية.. تعز كانت الأقل انجرافاً إلى القبلية وربما بتأثير من خارجها، في تعز خرج الناس من أجل الدولة المدنية الحقيقية في الغالب الأعم وإن وجدت أقلية منتفعة. 

قيم أساسية 

في تعز خرج الناس من أجل قيم ثلاث أساسية: الحرية، العدالة، المساواة، هذه القيم غاية ووسيلة فهي غاية يحقق من خلالها الناس الانصاف وهي أداة بدونها لا يصلون إلى مبتغاهم، والانصاف هو أن لا يحرم معظم المتعلمين من الوظيفة العامة وأن لا يحرم المتعلم من حقه الذي يذهب لمن يفتقرون للكفاءة والتأهيل لأنهم من منظمة معينة، تعز تريد الانصاف في التنمية في مختلف المجالات وقبل كل شيء حقهم في المياه الصالحة للشرب.. قضية تعز لا تعني اللا وطنية كما قد يتبادر لأذهان البعض.
تعز عاشت حاضنة لكل الهويات المحلية وسكان مدينة ليست ديكورية وليسوا مناطقيين ولا تستوعبهم عاصمة المحافظة ويحتاجهم الوطن في كل ربوعه لكن قضية تعز مرتبطة باليمن بأكمله، وكانت تعز الأكثر تحركاً في الثورة ومازال أبناؤها على ثقة وعلى أمل ليجدوا تغييرا معينا وهم صامدون في الساحة والشباب ملتفون حول مدينتهم، وإن كان الاختلاف يوجد عندما تقول تعز أولاً: تعز اقليم في إطار دولة فيدرالية.
وذلك يأتي من حذر كبار السن لتناقض أفكارهم السابقة مع ما نطرحه ولا نرى تناقض بين قضية تعز وأفكار القوميين والأمميين وحتى التيار الإسلامي لأن الجميع يستطيعون الانطلاق من الجزء إلى الكل، من الالتفاف حول قضية تعز إلى قضية الوطن إلى قضايا الأمة العربية والإسلامية. 

اتهامات مخيفة 

> اليس لكل هؤلاء مبرر مقبول لديكم؟ 

المسألة أننا نلاحظ في الرافضين خوفا من مواجهة الحقيقة والهروب إلى مثل عليا وقيم كبيرة خوفاً من أن يتهموا بالمناطقية وقلنا: إذا كانت مطالبتي بحقوقي المناطقية تهمة فأنا مناطقي.
النخبة السياسية، الحزبية كانت تدرك قدرة الشباب على تحقيق كل شيء بعد فشلهم في تحقيق التحضر بأنفسهم وبأدوات سياسية، وأدوات نضالهم العقيمة سابقاً وهو نضال معارضة لمجتمع مكشوف وأدوات أشبه بنضال ما قبل عام 1990م فهم لم يمارسوا عملا نضاليا حقيقيا يرتبط بالشارع؛ لأن الخوف يكتنفهم وهو ما أفقدته المعارضة بعد عام 1990م وحتى 2011م فلم تسطع الأحزاب المعارضة أن تجاهر بمعارضتها وهو ما كانت تستطيعه ولم تفعله بسبب العقلية القديمة سيما وأن بعض الأحزاب القديمة وذات الماضي التنظيمي فقدت كثيرا من قدرتها التنظيمية والقيادة. 

الجهد أهم في العمل الوطني 

> لكن الشباب المستقل اشتكى من تأثير الافتقار للمال على تواصله؟ 

المال مهم لكن العامل السلبي في ثقافة الإنسان اليمني هو الاعتقاد بأن الوفرة المالية تصنع الأشياء وأن عدم الوفرة عائق أمام حركة الإنسان والأصل أن العمل الوطني في اليمن لم يكن المال وحده سبب نجاحاته فلم يكن له تمويل حقيقي.. كما أن الذهب الذي كان يتدفق بعلب الصفيح إلى الملكيين بعد ثورة سبتمبر لم يستطع هزيمة الجمهوريين..
الإرادة وما توفره الاشتراكات والدعم من المقتدرين إن وجد إلى جانب الجهود الشخصية والتبرعات من التجار يحقق الكثير.. العمل التنظيمي يحتاج إلى جهد شخصي وإيمان بقضية أكثر مما يحتاج إلى المال، المشكلة تأتي من عدم القدرة على التنظيم والترتيب وهو جهد إذا انعدم بحث الناس عن أعذار وعوائق وهمية تظهر في شكل ندرة المال وهذا يجعلنا نلجأ إلى تنظيم فعاليات في أماكن ليست فخمة، وبتواصل مع الناس بشكل فردي هذا كمثل إلا مختلقي الأعذار وإن توفر له الهاتف المحمول تدعوه وبعد فترة يقول لك لم أكن أملك مالاً كي أتواصل.. ومع ذلك هناك من يتواصل ويشارك وينظم، والحرية للجميع وتأتي المشكلة في أن أثر إدارة العمل المنظم أو التنظيم محدود والأصل أن تكون إرادة وإدارة. 

خلط مفاهيم 

> في هذا الوضع كيف يفهم الشباب قضية تعز الآن؟ 

إذا كانت النخب لا تريد الالتفاف حول القضية لما ذكر فإننا نصطدم مع البعض بسبب ما لديهم من خلط معين بين المفاهيم وكأن الكلام عن منطقة تعز واستحقاقاتها يبعد الإنسان عن الوطن بالرغم من أن وطنيتي هي دافعي للحديث عن قضية تعز باعتبار التفاف الناس حولها انتصارا لقضية الوطن وحقوق أبنائه جميعاً في الحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم، ومن السخرية بل المضحك المبكي أن أناسا يناصرون آخرين ولا يستطيعون مناصرة أنفسهم، أبناء تعز يناصرون القضية الجنوبية وهم أسهموا في إعطائها البعد الجماهيري والبعد الخاص لمشكلة صعدة ولكنها ليست قضية لمحافظة صعدة بكاملها وإنما تمثل الحوثيين فقط.
وطرحنا حقهم في معالجة آثار الحروب الستة أما إذا كانوا يبحثون في الجانب السياسي والتهميش وغيره فسميناها قضية صعدة إذا تبناها أبناء صعدة ككل، فالحوثيون شعروا وحاولوا أن يهتموا بتعز بأكثر من اتجاه وحاولوا دغدغة مشاعر أبنائها بالحديث عن مظلومية تعز ولكن من أجل كسب سياسي فقالوا: القضية الجنوبية، وقضية صعدة ومظلومية تعز، ومازال لديهم استعلاء ويرون أن تعز ليس لديها قضية تهميش بل مظالم وهذا تقزيم لتعز لأن قضيتها قضية وطن. 

التفاف على الوطن 

الحوثيون بحديثهم عن مظلومية تعز كأنما يقولون ليس لأبناء تعز قضية ولا حقوق أساسية ولم يذوقوا مرارة اقصاء وتهميش من الجيش والأمن وكأنهم لا يعانون من تردي الخدمات الصحية والتعليمية ومياه الشرب بل هناك من استحوذ على السلطة منذ صلح دعان والذي نص على أن الائمة الزيدية لاحق لهم في حكم مناطق اليمن الأسفل الشافعية وقد اخترق النص قبل الإمام يحيى حميد الدين بعد رحيل الاتراك العثمانيين عن اليمن اثر هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى واستخدموا الترسانة التي خلفها الاتراك في صنعاء لإخضاع المناطق الشافعية وبدأت الثورات منها ثورة الشيخ حميد الدين المقطري وسميت انتفاضة المقاطرة وقمعت وشوهت سمعة المنتفضين بإطلاق تسمية “حميد الديك” على قائدهم، ثم جاءت انتفاضة قدس على الأمير الفضل ووصفوا بـ” قدس نجس”.
وجاءت مطالبات بدأها الشيخ الشهيد عبدالله علي الحكيمي من عام 1935م بتغيير شكل اليمن ونظام حكمه، وفي عام 1943م خرجت وثيقة مطالب الشعب على يد النعمان والزبيري وطالبت بحكم أشبه بالفيدرالية ولأن اليمن كانت ماتزال تغلي، ثم لأن الصراع المذهبي كان لا يزال موجوداً؛ جاء الاتفاق عام 1962م بين الثوار في عهد سبتمبر وكان هدفه واضحا هو القضاء على الحكم الامامي المذهبي وأن يكون الحكم بالتساوي “تقاسم” مناصفة وبعد الوحدة تقاسم الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام السلطة باتفاق مشابه ولكن السابق تم الالتفاف عليه عام 1994م ، وفي عام 1967م وفي اتفاق الخرطوم بين مصر والسعودية.. وبانسحاب القوات المصرية من اليمن وحل حصار السبعين وكان التفافا كاملا على أبناء تعز والانحراف بمسار بناء الجيش وتصفية ضباطه وقيادات وتشكيلاته التي قياداتها من تعز ثم بدأت تصفية التجار وكان تجار تعز مستهدفين بدءاً بقرار منع استيراد السلع، واجراءات غير معلنة تضرر منها أصحاب العلامات التجارية ومعظمهم من تعز فكان اتجاه معين لتهميش أبناء تعز في الجيش والأمن والاقتصاد.. وأخيراً دمر ميناء المحافظة “المخا” وتخلف مطار تعز و..و.. الخ. 

صناعة النموذج 

> ولكن التغيير بات أمراً واقعاً؟ 

المفروض أن يزداد التفاف أبناء تعز حول قضيتهم ولا يلبس البعض قبعة أكبر من رؤوسهم ويطلقون التهم على الآخرين فالصمود لدى الشباب في تعز والالتفاف حول القضية وإن شابه اختلاف في الرأي فأصل المعاناة واحد والاحساس عال بها التفافهم مطلوب لصناعة النموذج الذي يمحو أثر المعاناة ويفتح أبواب المستقبل لتعز والوطن ككل فلا انفصام بين قضية تعز والقضية الوطنية وإذا لم تنهض تعز فلن تنهض اليمن ومازالت تعز تحتضن الكثير من الابعاد ففيها البعد الجماهيري الشعبي، والرغبة في التضحية والاستعداد للخروج إلى ساحة النضال السلمي والتمسك بالدولة المدنية وتاريخياً كانت تعز شرارة الثورة.
مصالح شخصية 

> لماذا تخشى بعض القوى من الفيدرالية؟
لا أعتقد أن الرفض مبدئي حتى لدى التيار الإسلامي لأن الفيدرالية موجودة من قديم الزمان بدليل الاقاليم والمخاليف التي وجدت في الدولة الإسلامية وعرفت اليمن نظام المخاليف.. المخالفون المعارضون للقضية وللفيدرالية هم من يرتبطون بمصالح مع القبيلة ويتحالفون معها ومع العسكر وهي مصالح شخصية. 

الفيدرالية حاجة 

> بدون الفيدرالية كم يحتاج اليمن من الوقت كي يغادر واقعه الحالي؟
في ضوء ما أفرزته الثورة من مشاكل وأمراض يحتاج إلى مئات السنين إلا إذا طبقت فيدرالية الاقاليم فإن تعز ستحتاج إلى عشر سنوات لتواكب العصر وكذلك عدن وحضرموت ومحافظات أخرى قد تحتاج من “15ـ 20” عاماً والأهم أن على أبناء كل محافظة مسئوليتهم في حل مشاكل محافظاتهم لأن المركز متخلف وإذا لم يفعلوا سيشعرون يوماً أنهم ذاتهم السبب فيما هم فيه فالفرصة تاريخية والفرص لن تتكرر بسهولة.
وعلى أبناء تعز أن يوجدوا الأساس الصلب لقضيتهم ونعني بذلك أن أي مشروع معين يحتاج إلى قاعدة جماهيرية كبيرة واعية وملتفة حول المشروع المدني وهذا متوافر في تعز لأن لأبنائها أكثر من ايجابية وإن وجدت بعض السلبيات. 

طمس ثقافي ـ اقتصادي 

> أي نوع من السلبيات؟
تعرضت تعز لتأثيرات محاولات الطمس الثقافي والسياسي ومع ذلك فإن القيادات الحزبية مثلاً في بيئة مدنية كتعز أو عدن تختلف عنها في بيئة قبلية كمحافظة عمران أو الجوف والبيئة المدنية هي نتيجة مكتسبات عبر زمن أو عقود طويلة وأي سلبيات أو انحرافات إنما جاءت نتيجة ممارسات الطمس الثقافي والاقتصادي الذي مارسه المركز وتعز لاتزال مهيأة لمحو أي سلبيات تعاني منها طالما أبناؤها ملتفون حول القضية بل قادرة على تصدير مشروعها إلى انحاء الوطن بعكس حضرموت أو عدن وذلك لاعتبارات متعلقة بعدد السكان والعقلية المنفتحة تجاه الآخر وبحكم تكيف أبنائها في أنحاء اليمن وهم يحملون درجات علمية وهم كفاءات في كل مجال.
ويمكن لتعز في ظل سيادة القانون أن تتخلص من سلبياتها في أقصر وقت ربما خمس سنوات ونضرب مثلا على مستوى التحضر والقدرة على سرعة الفهم والإدراك من خلال تجربة حمل السلاح خلال الثورة من قبل البعض وفي احداث السبعينيات فقد تخلى عنه حاملوه سريعاً فور تحاور الدولة معهم وهذا غير موجود في المناطق القبلية المدججة بالسلاح.. كما أن مشائخها يعتبرون أنفسهم مواطنين كغيرهم. 

تعز مركز علمي 

> ماذا تستحق تعز؟
أن يلتف أبناؤها حول قضيتهم وتحتاج ثانياً إلى انجاز هذا الاستحقاق وأن تحصل على حقها في التنمية والخدمات التي حرمت منها نتيجة المركزية والتهميش وأن تتجه لأن تكون مركزاً للعلم والثقافة على مستوى الجزيرة العربية وذلك يحتاج إلى مراكز ابحاث والارتقاء بالتعليم وإتاحة الفرصة لأبنائها كي يتعلموا في كل مجال مجاناً، فأي ثمرة من وراء ذلك لا تقتصر على تعز وإنما لليمن بكامله.
وأن تكون مركزاً للسياحة العلاجية أو الطبية للوافدين من القرن الأفريقي ومن الداخل بالاستثمار في الصحة وتستطيع أن تكون تعز مركزاً لإعادة التصدير وفيها مراكز للتدريب والتأهيل تحتاج إلى امكانيات، وتحتاج إلى تنمية سواحلها لكن المركز لو كان يستطيع لفعل لكنه نظام ريعي لا يعتمد على انتاجه ولم يكن يريد تنمية لأنها لو تحققت فذلك يعني صناعة ومصانع ونقابات مستقلة قادرة على التأثير في سياساته المتخلفة. 

مشروع ثقافي 

> كيف تنظر إلى إعلان تعز عاصمة للثقافة اليمنية والمشروع الذي يجب أن تمتلكه؟
إذا كان امتلاك المشروع الثقافي مهماً إلا أنه لا يكفي لوحده فلابد من مشروع اقتصادي لأن الإنسان اليمني أصبح مادياً والكل يقفز على القيم ويريد الكسب السهل وربما غير المشروع من الوظيفة العامة لتجذر الفساد ولكن فقط أذكر بمقولة لعبدالله القصيمي “الإنسان العربي وبالأخص اليمن وثني، برجماتي يبحث عن المادة” وربما أصحاب تعز هم الأقل برجماتية فما زالوا يتكلمون ويدافعون عن المثل والاخلاقيات ولم يحصلوا على المادة وحصل عليها الآخرون وضاق بهم الداخل والخارج، لا سيما العمال العاطلون عن العمل ومخرجات التعليم.
إذن المشروع الثقافي وحده لا يكفي فهو يحتاج إلى مال وكل الدول تقريباً تطورت اقتصادياً وبموازاة تطورها هذا حققت تطوراً ثقافياً مع عدة دول خليجية لأن تطورها المادي كان طفرات وناتج ريع لاعتماد اقتصاداتها على النفط وليس على انتاج حقيقي ولتطوير الثقافة في تعز لابد من تطور اقتصادي واجتماعي وسياسي.
تعز مثلت مركز جذب للمبدعين وحاضنة لكل الوافدين اليها لأنها تتقبل الجميع وظلت إلى وقت قريب مستقر المبدعين ومستواها الحضاري كان عامل جذب، وتاريخها كعاصمة للدولة الرسولية ومدينة علم وصل تأثيره في عهد الرسوليين إلى الحجاز وإلى شبه القارة الهندية حيث كان خطباء المساجد يدعون لحكامها.. وتعز تستطيع أن تعيد نموذجها الثقافي والاقتصادي والسياسي الذي قدمته في العقود والأزمنة الغابرة. 

كلية 11فبراير 

> أين موقع الشباب في لوحة المستقبل المنشود؟
هم الهامات العالية ومشاعل النور وهم سيرسمون وجه الغد، سلاحهم المعرفة وقضية تعز لدى شبابها أم القضايا فهم تواقون للدولة المدنية ويدركون مدى التهميش الذي أصاب محافظتهم وتداعوا من جامعتي صنعاء وتعز وأسسوا كلية للعلوم السياسية في ساحة الحرية بتعز في مبنى تعليمي مهجور ويعكس حالة الفساد الذي تجذر في المدينة والوطن ككل وتطوع في الكلية إداريون والمحاضرون متطوعون أيضاً كل ذلك مجرد إشارة إلى ما لدى الشباب المستقل والحزبي النقي من التعصب من عزم وإصرار على العطاء من أجل تعز ومن أجل الوطن.. والهدف من إنشاء الكلية مرتبط ببقاء الساحة وسميناها كلية 11فبراير للعلوم السياسية وحتى الآن يتفاعل معنا شباب الثورة وفي قاعة واحدة الكلية لا تمنح شهادات وإنما تقدم معرفة وهي أيضاً تعبير عن موقف من امتناع وزارة التعليم العالي وجامعة تعز عن افتتاح كلية للعلوم السياسية في تعز.

http://www.algomhoriah.net/news_details.php?sid=48155

الثلاثاء، 12 فبراير 2013

مقابلة صحفية - صحيفة الوحدة

أكد أن الاصـــــلاحات الاقتـــصادية لا تحتــــاج إلى حوار .. الدكتـــور المقــطري لـ «الوحدة» :اقتـــصادنا ما يزال طفــيلياً ولا توجد استراتيجية واضحة للمستقبل
الأربعاء , 6 فبراير 2013 م 
حاوره/ أحمدالمالكي:

قال الدكتور صلاح المقطري أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء أن الإصلاحات الاقتصادية لا تحتاج إلى حوار وأن الحوار الوحيد الذي يجب التركيز عليه في مؤتمر الحوار هو الدستور القادم الذي من خلاله يمكن إيجاد الشكل الأمثل للاقتصاد والدولة.. مشيراً إلى أنه تم تحديد الملفات الاقتصادية في مؤتمر الحوار وأن من وضع أجندة الوضع الاقتصادي والتنمية في المؤتمر لم يكن يعي مشكلة الاقتصاد خاصة وأن هناك تداخلاً بين أكثر من فقرة من الفقرات في تلك الأجندة مما يشير إلى عدم وجود جدية في معالجة المشكلة الاقتصادية.. المزيد من التفاصيل في سياق الحوار التالي:

> بعد مرور أكثر من عام على ثورة الشباب كيف تنظرون إلى واقع الاقتصاد اليوم؟

>> طبعاً واقع الاقتصاد لم يتغير نسبياً سواءً كان قبل الثورة أو بعد الثورة والمواطن العادي لم يلمس أي تحسن، وهناك ركود وهذه السياسات اتخذت بسبب رفع سعر الفائدة وغيرها من السياسات الانكماشية التي أدت إلى إحداث ركود هذا كان في عام 2010م لذلك حتى بعد قيام الثورة أمل الناس كثيراً بحكومة الوفاق أنها تعمل على إنجاز التغيير وليس كحكومة تسيير هذا الشيء جعل الكثير من الناس يشعرون بالاحباط من الحكومة خاصة من الذين هم محسوبون على الثورة كونهم لم يحدثوا إنجازات حقيقية وعميقة في هيكلية الأجهزة التي استلموها وبالتالي هذا انعكس تلقائياً على الوضع الاقتصادي في البلاد ولم يتحسن ولم يتم امتصاص البطالة وواجهوا حوالي 60 ألف وظيفة وهذه أيضاً كانت سياسة سابقة وتم تكليفهم وكذا تحسينات شكلية بالنسبة للكهرباء والمياه لم ترتق إلى التحسينات التي أملها الناس ولا توجد حتى الآن استراتيجيات واضحة حول ماذا سيكون في المستقبل.. أيضاً نلوم الحكومة أنها عولت كثيراً على ما ستحصل عليه من الدعم الخارجي ولم تعول على ما ستنتجه داخل البلاد وهذا كان يتطلب أولاً إحداث تغيير شامل في البنية العسكرية والأمنية لإحداث الاستقرار الذي سيعمل على زيادة استخراج هذه الموارد الطبيعية أو تسييرها بشكل أمثل خلال هذه الفترة..

> على ذكر الدعم الخارجي في بداية حديثكم هناك تقارير حديثة تؤكد أن نسبة القروض والمنح الخارجية ستنخفض إلى 41 % في العام الحالي 2013م، كما اشترط المانحون كذلك تسليم التعهدات بعد إنجاز عدة مراحل ومن ثم يتم تسليم التعهدات.. برأيكم هل لدى اليمن والحكومة القدرة والاستعداد الكافي خلال هذه الفترة للوصول إلى مرحلة استلام التعهدات!؟

>> الوضع في اليمن حرج لكن الشعب اليمني عادة شعب يتحمل التغييرات التي تحدث عليه أو التراكمات من البطالة أو التضخم وأعتقد أن الشعب برغم أنه سيصل إلى مراحل سيئة لم تصلها البلاد مسبقاً إلاّ أني اعتقد أن المجتمع يستطيع معايشة الوضع الأسوأ.

> توقع البيان المالي ارتفاع معدل التضخم لأسعار المستهلك من 7 % عام 2012م إلى 9 % عام 2013م.. كيف تنظرون إلى هذا الارتفاع في ظل العجز المعلن في الموازنة؟

>> التضخم في هذه الحدود يظل بناء على المتوقع بنسبة العجز وهو لا يتوقع بمعزل عن عجز الموازنة وهذا طبيعي وهذه الـ 9% التي أرى أنها ستحدث في الاقتصاد اليمني أعتقد أنها ليست مؤثرة بشكل كبير لأن معدلات التضخم كانت في السنوات السابقة أكثر ارتفاعاً من 9 % لكن نأمل أن يظل عند الـ 9 % وليس أكثر وكذلك هل الحكومة وضعت احتياطات كبيرة حول معدل الإيرادات المحصلة واتخذت السيناريو الأكثر تفاؤلاً بحيث أنها ستحقق إيرادات أكثر من هذا وسيكون العجز عند أضيق الحدود وبالتالي ينخفض التضخم.

> العجز المعلن في الموازنة يلاحظ أنه خصص للانفاق الجاري وليس الاستثماري كما يؤكد خبراء الاقتصاد ألا ترى أن ذلك يمثل مشكلة كبيرة في مواجهة العجز من قبل الحكومة؟

 >> عادة معظم أو كل الميزانيات السابقة كانت كلها مركزة على الأبواب الجارية وليس على أبواب الصيانة والاستثمار «الأبواب الرأسمالية»، وهذا ما دأبت عليه الحكومات السابقة لأنها أيضاً لا تستطيع التصرف دائماً بالنفقات الرأسمالية وعادة ما نلحظ خلال آخر السنة أنه يتم تصريف هذه النفقات الاستثمارية والرأسمالية بشكل تبذيري حيث نلاحظ أنه في شهر 12 يتم إنشاء بعض المشاريع المتمثلة بمشاريع الصيانة والبناء وغيرها بشكل سريع وكأنه نوع من التخلص من هذه المصاريف بشكل أو بآخر وهذا يعني أنه لا توجد استراتيجية حقيقية لاستيعاب هذه الأموال حتى ولو كانت قليلة، نحن نحبذ أن تكون كبيرة وفي نفس الوقت هم يتبعون سياسة صندوق النقد الدولي وغيره بتقليل هذه البنود لأنه بالنسبة لوجهة النظر الرأسمالية ووجهات صندوق النقد الدولي يجب على الحكومة أن تتخلى عن هذه النفقات وتظل النفقات الرأسمالية في هذه الحدود وليس كما هو الحال في الدول الاشتراكية والدول التي تعمل بالتخطيط والتي تأخذ أو تمثل هذه الأبواب جزءاً كبيراً من الميزانية حيث يصل إلى أكثر من 50 %.

> بالنسبة للبطالة والفقر تعلمون أن معـــدلاتها وصــــلت إلى 54 %و60 %في أوساط الشباب برأيكم هل الحكومة تعي الحجم الحقيقي لمشكلة البطالة؟ وكيف يمكن إيجاد السياسات المناسبة للتغلب على هذه المشكلة؟

>> أعتقد أن الحكومة تدرك أهمية معالجة البطالة لأنها تعرف أن التذمر والثورات التي حدثت كلها بسبب البطالة لكن هي لا تعرف  ولا تعي حقيقة أن هذا سينجم عنه مشاكل كبيرة في المستقبل برغم أن المجتمع اليمني مجتمع لا يزال مترابطاً نوعاً ما مقارنة بغيره ومجتمع بدائي ليست له طموحات كبيرة في الاستهلاك والبذخ والترف وغيره إلاّ أن هذه الظواهر بدأت تتجلى كثيراً بالاحتكاك بالإعلام الخارجي وغيره وهذا ما سيفاقم حدوث كوارث اجتماعية من خلال ظهور العصابات إلخ..

وواضح للعيان أن المرحلة الأخيرة نتج عنها مشاكل اجتماعية والدولة أعتقد لم تأخذ في الحسبان أثر معدلات البطالة المرتفعة على الجوانب الاجتماعية ولا توجد دراسات حتى الآن تأخذ بشكل علمي حقيقي توضح اتجاه هؤلاء إلى وضع متفاقم اجتماعياً يؤثر على السلم الاجتماعي في البلاد، لكن هذا كله يرتبط أولاً بإصلاح الوضع العسكري والأمني والسياسي لأنه إذا ظل الصراع بهذا الشكل أعتقد أننا سنصل إلى طريق مسدود..

> الآن نحن قادمون على مؤتمر الحوار الوطني.. برأيكم ما هي أهم الملفات الاقتصادية التي يمكن طرحها في مؤتمر الحوار؟

>> تم تحديد الملفات المطروحة في مؤتمر الحوار لكن في الجانب الاقتصادي بشكل عام وضع التنمية كان من صنع أجندة الوضع الاقتصادي في مؤتمر الحوار كأنه لا يعي الاقتصاد لأن هناك تداخلاً بين أكثر من فقرة من الفقرات مما يهيئ لعدم وجود جدية في معالجة المشكلة الاقتصادية وأنا من وجهة نظري أن الإصلاحات الاقتصادية لا تحتاج إلى حوار كما أن كثيراً من بنود الحوار لا تحتاج إلى حوار، والحوار الوحيد الذي يجب أن يتم التركيز عليه هو الدستور القادم ومن خلاله أنت تستطيع أن توجد الشكل الأمثل للاقتصاد وتوضع شكل الدولة وتحل كل القضايا أما أنك تقفز على الواقع وتحمل الحوار مالا طاقة له وأعتقد أن ستة أشهر غير كافية لإنجاز الحوار المزمع وبالتالي سيتم تأخير الانتخابات.

> دكتور هناك من يرى أن حل المشكلة الاقتصادية أهم من السياسية؟

>> إذاً يتم حلها بدون الحوار من الآن لماذا لا يتم إحداث حوار مجتمعي حول كيفية الخروج من المشاكل الاقتصادية فعلى المجتمع كاملاً أن يعي ويعمل على تجفيف منابع الفساد وإرساء الحكم الرشيد وغيره والذي سيؤثر على الاقتصاد إيجاباً.

> الآن هناك تحركات للإعداد لمؤتمر المانحين في مارس القادم 2013م برأيكم ما الذي يجب على الحكومة أن تعده من الملفات الاقتصادية بالذات لتقديمه إلى هذا المؤتمر؟

>> أرى أن يكون هناك وضوح وشفافية تامة من قبل الحكومة في تخصيصات دقيقة للمشاريع كلها وكيف سيتم التنفيذ وما هي مراحله بخطوات دقيقة ومضبوطة أيضاً وإحداث سيناريوهات في حالة أنها ستطلب دعماً معيناً وهي في الفترة السابقة طلبت حوالي 12 مليار دولار وما تم تخصيصه حوالي 7.9 مليار كتعهدات وهنا أنت وضعت ميزانية لما يساوي -12 13 ملياراً وما حصلت عليه أقل مما وضعت هذا أولاً الشيء الثاني من ملاحظتي لحكاية الأولويات وغيرها لا توجد هناك دقة في تحديد الأولويات كالجانب الأمني وغيره والتي أخذت مبالغ بسيطة جداً فهل ستستطيع إجراء تعديلات واستقرار أمني وهو ما ستقوم عليه التغييرات الاقتصادية بهذه المبالغ الصغيرة، وهناك مجموعة أطراف لا تريد للبلاد أن تتقدم لأن لها مصالح مرتبطة على اعتبار أن مكافحة الفساد ستأتي على هؤلاء الأشخاص سواءً من هم ضد الثورة أو من دخلوا في الثورة موغلين في الفساد.. هؤلاء لا يمكن تحقيق إرساء حقيقي لدعائم الأمن في المستقبل لأنهم يضخون أموالاً كثيرة من أجل إحداث القلاقل وهذا ما يحدث الآن في تعز مثلاً من سبب كل هذا الارتباك في تعز ولماذا شوقي معرقل عن إحداث إصلاحات معينة كان يستطيع إصلاحها بغض النظر عن الجانب السياسي أو بأي طرف فهناك أطراف تؤيده ومعارضة تعرقل هذا المسار لذلك يجب على الحكومة أن تكون واضحة تماماً كيف ستحقق الأمن داخل البلاد بخطوات معروفة وواضحة وكم المدى الزمني الذي ستحقق فيه وكيف سيحدث من خلال ملفات واضحة لهيكلة الأمن والقوات المسلحة كيف يتم تسريح الأسماء الوهمية وبعدها كيف سيتم التحول إلى الحكم الرشيد عبر خطوات وميزانيات محددة وواضحة وتذهب إلى ما خصصت له وأيضاً المشاريع الاستراتيجية الأخرى التي يجب أن تضعها الحكومة في الأجندة للمرحلة التي تليها، وهذايتطلب من الحكومة إشراك الجميع «إشراكاً مجتمعياً» ليس فقط دكاترة الجامعة بل كل الخبراء والمتخصصين ومنظمات المجتمع المدني ومن يهمهم الاقتصاد للخروج بالحلول والسيناريوهات وكيف يتم التخصيص بشكل واضح ويقول: أنا سمعت أن وزير التخطيط والتنمية يقول أنه خلال ثلاثة أشهر سيتم تخصيص هذه المنح بناءً على التخصيص السابق فهناك انتقادات كثيرة عليه فهل تم أخذ الملاحظات في الاعتبار حيث يفترض أن يكون متابعاً لكل ما يقال حول التخصيصات السابقة لكن بنفس تفكير النظام السابق يعملون ما يريدون دون النظر إلى آراء الآخرين وملاحظاتهم.

> تقرير اللجنة الخاصة المكلفة بدراسة موازنات الدولة للعام 2013م يشير إلى أن تأخر تسليم تعهدات المانحين هو بسبب عجز الحكومة عن إيجاد السياسات والآليات المناسبة لاستيعاب هذه المنح.. كيف تعلقون؟

>> ما قلناه سابقاً أن المانحين لا يمكن أن يعطوا مبالغ مالية ما دام الوضع ما يزال كما كان في السابق، يجب أن يكون هناك تغيير حقيقي وشفافية معينة تحققها الحكومة من أجل إقناع هذا المانح أن يعطي أمواله ما لم ستكون مجرد وعود إلى ما لا نهاية كما حدث في عام 2006م ولم يستلمها اليمن حتى الآن.

> بالعودة إلى موضوع الموازنة هناك توجهات لدى الحكومة حسب تقارير حكومية لمواجهة مسألة العجز في الموازنة عن طريق طبع المزيد من العملة وكذلك عن طريق أذون الخزانة والصكوك الاسلامية وكذلك السندات الحكومية ، ما رأيكم في هذه التوجهات والسياسات وانعكاساتها على الاقتصاد؟؟

>> هناك آراء كثيرة حول هذا الموضوع فهناك اقتصاديون يرون بأنه يجب أن تكون تغطية العجز في الموازنة عن طريق القروض الخارجية باعتبار أن القروض الخارجية تكلفتها أقل وأيضاً تترك فرصة ومساحة كبيرة للقطاع الخاص بالاستفادة من القطاع المصرفي وهذا لا يحدث بما يسمى بالازاحة أن تزيح القطاع العام عن القطاع الخاص عندما ينافس مايسمى بأذون الخزانة وعندما يحدث أن الدولة تقوم بالاستدانة من خلال الاقتراض بما يسمى الدين الداخلي عن طريق أذون الخزانة هذا يجعل القطاع الخاص يتجه باستثماراته وتمويلاته إلى أذون الخزانة وبالتالي حدثت هناك مزاحمة بين القطاع العام والقطاع الخاص ويرون أن لا تكون هناك منافسة مادمت ستتجه إلى الاستدانة الداخلية المتمثلة في أذون الخزانة وغيرها بأن لاتكون على حساب هذه الازاحة أو المزاحمة بين القطاع الخاص والعام وأيضاً أن تمثل عبئاً قادماً للأجيال القادمة في ما يسمى بالدين الداخلي والشيء الإيجابي منها والوحيد أنك لاتنتظر التمويل من الدول الأخرى والتي قد تعطى بشروط كبيرة مما يرفع من تكلفتها أما بالنسبة لطبع العملة فهو يعتمد على وجود استراتيجية واضحة للطبع لمرة واحدة في حدود مقبولة أنك تتحمل معدل تضخم معين في مقابل أنك ستخرج من أزمة معينة وأن تكون الإيرادات في العام القادم أكبر مثلاً وأن لديك استراتيجية كبيرة وقدرة على زيادة إيراداتك «القدرة الإنتاجية» وترشيد الإنفاق في المستقبل وإيجاد استراتيجيات واضحة في الفترات القادمة لا تجعل من هذا الاصدار التضخمي عن طريق إصدار النقود بشكل مستمر وأن يكون في حدود مقبولة فقط .

> الهيئة العامة للاستثمار أعلنت مؤخراً أنها بصدد إعداد قانون جديد للاستثمار يشتمل على مميزات أفضل لصالح المستثمرين والاستثمار في اليمن ..ما انعكاسات هذه الخطوة على مجال الاستثمار والاقتصاد عموماً؟؟

>> المشكلة أن قانون الاستثمار السابق ما قبل تعديلات 2010م كان فيه إعفاءات جمركية وضريبية إلخ ومع ذلك لم يحدث الاستثمار الذي كنا نأمله وتم إلغاء الاعفاءات عام 2010م قبل الثورة بحوالي أربعة أشهر أيضاً الغوا الاعفاءات الضريبية والغوا قانون النافذة الواحدة وغيرها وهذه الإلغاءات التي حدثت قد تؤثر في الاستثمار، لكننا لا نرى فيها أثراً في قانون الاستثمار في الأصل فسواء كان قانون الاستثمار موجوداً أو غير موجود فيه اعفاءات أو لم تكن هناك اعفاءات لم تحدث التغييرات الحقيقية في الاستثمار.. إذا كانت هناك مؤسسات فلا يزال هناك أشخاص يديرون هذه المؤسسات بناء على تصريف أو مزاج شخصي.. وشخص آخر يفضل قانون 2010م لشيء آخر وهو الدخول في مفاوضات التجارة العالمية وتفرض شروطك وبعدها سيتم الغاؤها أما أنك تسلم وتكون أنت قد أحدثت الاعفاءات داخل قانون الاستثمار فلماذا ستفاوض منظمة التجارة العالمية هذا مثلاً لذلك يجب أن تعمل في مؤسسات الدولة بشكل متكامل عندما يقرر رئيس الهيئة العامة للاستثمار إجراء الاعفاءات وتغيير القانون يجب اشراك الجميع حول ماسيتم به مفاوضة التجارة العالمية ومردودها المؤسسات الأخرى الأمن وغيره البيئة كاملة لأنك ستهيئ بيئة للاستثمار مع الوضع في الحسبان مسألة الربح والخسارة في الطرق التفاوضية ومن الملاحظ عادة أننا نغير القوانين لكن ليس لنا القدرة على ايجاد الواقع الحقيقي لتطبيق هذه القوانين وأعتقد أن المشكلة في الواقع المحيط ببيئة الاستثمار وليس في البيئة القانونية وأنا أتفق أيضاً أن يحدث تغيير في القانون لكن أولاً ابدأ بتهيئة البيئة الاستثمارية أصلاً ويجب على الدولة أن تعي أن الاستثمارات الأولى الحقيقية هي الاستثمارات الحكومية من دول حكومية وليست الاستثمارات الخاصة لأن الاستثمارات الخاصة لكي تأتي إلى اليمن يجب علينا ليس فقط إيجاد الاعفاءات بل اتاحة الفرصة للاستثمار كما يشاء وأن يعطى أراضي.. إلخ ويجب أن نهيئ له أشياء لم تحدث في أي دولة أخرى وهنا عوامل الاستثمار صعبة على أي مستثمر وإذا كان الاستثمار المحلي ذهب خارج البلاد فكيف بالمستثمر الأجنبي وأعتقد أن على الحكومة أن تجذب الاستثمارات التي ترى أنها تمثل دعماً لليمن وليس فقط لتهيئة المناخ الاستثماري وأعتقد أنه لتحقيق المناخ الاستثماري الملائم يجب أولاً إزالة القلاقل الأمنية وتوحيد الجيش والأمن وإيجاد بنية تحتية وبعدها يتم أيضاً ضبط الاستقرار النقدي مثل التضخم وغيره وتوفير فرص العمل وتأهيل العمالة كل هذه بيئات استثمارية يجب أن تتوفر بعدها أنت تعمل القانون والذي سيعمل على خلق زيادة الاستثمار الخارجي للبلاد بشكل متراكم واليمن لازالت أرضاً بكراً للاستثمار وأعتقد أن السياحة كذلك والثروة السمكية مجالان كبيران يمكن الاستثمار فيهما بشكل أكبر.

> مسألة الإنتاج المحلي وانعكاساته على الاقتصاد إيجاباً دون الاعتماد على الخارج .. ألا ترون أن قضية تحويل المجتمع من مجتمع مستهلك إلى منتج يجب أن تكون سياسة وأولوية أساسية للحكومة والدولة؟؟

>> المشكلة أن الإنسان اليمني ما يزال يفكر في الريع واستغرب من تعطش الناس للايراد الريعي ولايريد أن ينتج ويريد أن يحصل على شيء جاهز ويريد أن يأتي الخير عليه دون أن يعمل وهذا يعكس ثقافة المجتمع الريعي الذي يعتمد على الآخر أي أن الاقتصاد لايزال طفيلياً وأيضاً الانسان طفيلي كما أن اعتماد البلاد على الخارج يعد اقتصاداً ريعياً مادمت تعتمد اعتماداً كلياً على الخارج فأنت لايمكن أن تتقدم لأن المحابس ستظل عندهم أما إذا كنت تريد إحداث مايسمى بالدفعة القوية في الاقتصاد الانطلاقة كشرط من شروط التنمية الاقتصادية فلا مانع فأنت قد تبحث عن موارد لتغيير الهيكل والبنية الاجتماعية الموجودة فإذا استطعت أن تحدث تغييراً للبنية الاجتماعية وليس التعويل الكامل عليهم  في هذه الحالة يمكن أن تنطلق مالم ستظل اليمن اقتصاداً ريعياً يعتمد على الخارج كما هو حالنا منذ قرون عندما أعتمد اليمنيون على الزراعة وإنتاجهم الداخلي وأعتقد أن اليمن لديها الكثير من الثروات الطبيعية لكن لم يتم استغلالها لأن المجتمع لايزال يفكر بالريع ويتصارع على السلطة للحصول على الثروة ، والسلطة تحاول أن تسيطر في المركز وتأخذ كل الثروة فهي سلطة ريعية والمجتمع غير منتج وفي هذه الحالة يجب إحداث التغيير في شكل الدولة وإحداث شراكة مجتمعية في الحكم وبعد ذلك إعمال تنمية اقتصادية مستدامة في الثروات غير الناضبة في الاسماك والسياحه بالذات ثم في المشاريع الصغيرة التي تجعل الانسان يعتمد على نفسه في الانتاج .

> ختاماً دكتور هل هناك أمل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود؟

>> إن لم يحدث الاستقرار السياسي والعسكري والأمني لن يحدث الاستقرار الاقتصادي.

> أنا تقريباً استكملت كل أسألتي وإذا لم ترد نقاط تريد اضافتها والحديث عنها، في حوارنا الباب مفتوح لك؟؟

>> أنا أرى أن الوضع بشكل عام وأننا دائماً نقفز على الواقع المعاش ولم نشخص الواقع تشخيصاً حقيقياً وبالتالي حلولنا عادة حلول صورية شكلية ومؤتمر الحوار هذا من ضمن الحلول الصورية والشكلية ولم تناقش جوهر المشكلة التي تمس المواطن العادي والذي عاش كل الفترات بعيداً عن الشراكة في الحكم وفي الثروة وما دمت لم تشركهم في تغيير شكل الدولة والذي اقترحه أنا شكلاً فيدرالياً بحيث يحدث أن يتحمل الناس مسؤوليات اقاليمهم وليس تحميل المركز فقط فهم أدرى وأعلم باحتياجات مناطقهم فالمركزية أصبحت مرفوضة ولا يمكن لدولة ديمقراطية حقيقية وأنت تريد البلاد أن تتجه إلى الديمقراطية والتي لا يمكن أن تقوم في دولة مركزية ولا توجد دولة مركزية في العالم دولة ديمقراطية كل الدول لا مركزية وفيدرالية تمثل أكثر من 50 % كعدد السكان كدولتي الهند والولايات المتحدة الاميركية وغيرهما، إذاً هنا سيتحمل المجتمع مسؤولياته أمام نفسه أما أن ينهض وأما أن يتخلف ولا أعتقد أنه سيتخلف لأنه لن يكون هناك صراع على السلطة بل ستكون هناك رغبة في العيش المشترك والمنافسة والحوار هنا يحاول أن يناقش قضيتي صــــعدة والجنوب وقفز على أكثر من 70 % من السكان وقضيتهم هي قضية اليمن كلها في مختلف المحافظات ما يعني أنه قفز على الواقع وأن الوضع القادم قد يكون أسوأ ولذك نتمنى من الجميع أن يعي هذه المشكلة ويعمل على حراك شعبي في كل الأطراف ومن جميع المحافظات وأخذ جميع مشاكل المواطنين وليس المثارة حالياً فقط وهناك قضايا برزت على السطح ومثلاً تعز أعتقد أنها أكبر القضايا التي يمكن أن تتفجر في المستقبل وهي شريك رئيسي في الحكم منذ 1962م والآن تعز في أضعف حالاتها وبالتالي وجدت المشاكل الصغيرة وأصبح ابن تعز يناصر القضية الجنوبية وصعدة وهنا يمكن أن يحدث تشرذم في البلاد لأنه لم نجد المعادلة الوطنية الصلبة التي تستطيع من خلالها التحكم في المسار وبالتالي يجب على الجميع أن يعملوا حساب هذه الأوضاع ليس في تعز فقط بل في جميع المناطق وأعتقد أن هناك قفزاً على الواقع بما تعرضه الأجندة الخارجية وما تعرضه القوى التي تحدد الحوار والنافذة والتي تعمل على توجيه الحوار بشكل صوري وشكلي دون إحداث تغيير حقيقي في الواقع..

http://www.alwahdah.net/index.php?action=showDetails&id=8878