الأربعاء، 5 مايو 2010

تدهور سعر الريال اليمني


الدكتور صلاح ياسين المقطري أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة صنعاء من جانبه يقول: إن أسباب تدهور سعر الريال متشابكة ومتعددة ليختلط السياسي بالاقتصادي بالاجتماعي بالأمني. والجميع يلاحظ أننا لا نزال نعتمد على مورد النفط، والتي تمثل 70 في المائة من إيرادات الموازنة العامة، و90 في المائة من الصادرات، 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ظلت مساهمة القطاع غير النفطي متواضعة ومحدودة، فمعدّل نمو الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي انخفض من 7,5 في المائة عام 2008 إلى 4,5 في المائة عام 2009، فالقطاعات الواعدة كالأسماك والسياحة في تناقص
، خاصة خلال العامين الماضيين، وهذا لا شك سبب رئيسي للتدهور، أضف إلى ذلك عدم محاربة ومحاسبة المتنفذين والمفسدين، علاوة على بعض القلاقل الأمنية والتي تنعكس سلبا على الاستثمار، حيث تراجع حجم الاستثمارات نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وبصورة مستمرة من 18,4 في المائة عام 2006 إلى 13,9 في المائة عام 2009؛ للأسباب السابقة من جهة، ولعدم توفّر المناخ الملائم للاستثمار (ضعف البنية التحتية والفساد المالي والإداري، وانعدم الشفافية، وضعف وهشاشة القضاء والبطء في حل النزاعات التجارية ومشاكل الأرض..)، كل ذلك أدى إلى تفاقم الاختلالات في الموازين الاقتصادية الكُلية في السنوات الأخيرة (وصل عجز الموازنة العامة للدولة إلى 8.19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2009، ومتوقع أن يصل إلى 7,7 في المائة عام 2010، بحسب بيان الحكومة، وهذا يتجاوز الحدود الآمنة للسيطرة على العجز والمتمثل بـ3 في المائة، وعجز في ميزان المدفوعات يتوقع أن يصل إلى 4,1 في المائة عام 2010، بحسب بيان الحكومة، وفي الميزان التجاري وصل العجز إلى 357 مليون دولار عام 2008)".


ويقول المقطري: "رغم محاولة الحكومة للسيطرة على استقرار سعر الريال خلال العامين السابقين، حيث رفد البنك المركزي السوق بـ2 مليار دولار عام 2009، ومليار و700 مليون دولار عام 2008، إلا أنه ليس من المستبعد مساهمة المتنفذين والمفسدين في المضاربة بالدولار، فهم على اطلاع دائم بما سيتم إقراره من قبل راسمي السياسات المالية والنّقدية لجني الأرباح. كما أن فاتورة المشتقات النفطية، وصلت إلى مليار و40 مليون دولار خلال العام 2009".

ويشير المقطري إلى أن الحكومة موّلت العجز بالعجز، وهذا لا شك يعد السبب المباشر لتدهور سعر الريال، مما أثار قلقا نفسيا وعدم ثقة لدى الناس؛ ليتم الإقبال على شراء الدولار والعُملات الصعبة. وهذا يفسر تأكل تراجع الاحتياطيات من العُملات الأجنبية لتصل، في الوقت الحالي، إلى 6 مليارات دولار تقريبا لتغطي احتياجات ما يساوي 7 أشهر من الواردات تقريبا، وترى توقّعات صندوق النّقد الدولي أن هذا التدهور سوف يستمر لتغطي الاحتياطيات ما يساوي 4 أشهر عام 2014. مما ينذر بالعودة إلى وضع ما قبل عام 1995.

كما تحدّث الدكتور صلاح المقطري حول السياسات المتّبعة لإيقاف نزيف تدهور الريال مقابل الدولار، حيث يقول: "ممّا لاشك أن للسياسات الحكومية المتّبعة مؤخرا، والهادفة إلى إيقاف والحد من تدهور سعر الريال اليمني، أثرا ايجابيا على استقراره مؤقتا، وهذا ما نلحظه، حيث استقر سعر الريال مقابل الدولار خلال هذه الأيام عند 222 و223. إلا أن هناك الكثير من الملاحظات عليها، وأن الإجراءات التي قامت بها الحكومة (حلول مؤقتة) بمثابة مسكّنات، سرعان ما ينتهي أثرها ما لم تترافق مع إجراءات دائمة ومستمرة لتحدث تغيير جذري في البنية الإنتاجية لزيادة الصادرات وتخفيض الواردات، ومن ثم زيادة الناتج المحلي الحقيقي".


ويقول إن الارتباك الواضح في السياسات المتّخذة وعدم وضوح الرؤية، أديا إلى الارتجالية والعشوائية في اتخاذ القرار المناسب، فكيف يتم رفع سعر الفائدة على الودائع بالعُملة المحلية إلى 15 في المائة، وبعدها بيومين إلى 20 في المائة؟! وكانت أحد التبريرات بأنه يجب أن يكون أعلى من معدّل التضخم، فهل هذا يعني استمرار ارتفاع الأسعار؟ ولماذا لم يتم اتخاذ القرار من البداية؟ هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: هل يستطيع البنك المركزي إلزام المصارف اليمنية بدفع هذه الفوائد؟ حيث أن هذه أخيرة -كما نعرف- تحجم عن إعطاء فوائد للمُودعين وغير قادرة على استثمار فوائضها المالية، ومن ثم تحقيق فوائد تجعلها تدفع تلك الفوائد، خاصة في ظروف محلية وعالمية غير مواتية، هذا من جانب، ومن جانب آخر: الكثير من المودعين لا يرغبون بإيداع أموالهم بفوائد. ومن ناحية ثالثة: المصارف الإسلامية أصبحت تمثل جزءا مهما، فلديها ما يقارب 27 في المائة من حجم الودائع الإجمالية، حيث لا تتعامل بسعر الفائدة بشكل مباشر، ولذا لن تجد حرجا من احتساب أرباحا في حدودها الدّنيا لأصحاب ودائع المُشاركة والمُضاربة. وهذا يعني أنه من الممكن أن تكون الودائع بالعُملة الأجنبية لها أرباح أكبر من الودائع بالعُملة المحلية.
وتطرّق المقطري إلى قرار مجلس الوزراء الخاص بفرض رسوم إضافية على عدد 71 سلعة غير أساسية، حيث قال إن القرار لم يتم وفق دراسة علمية مستفيضة لتحدد الآثار المحتملة على كل من إعادة توزيع الدّخول، وانخفاض حجم الواردات، وعلى تشجيع ودعم السلع المنتجة محليا. بالرغم من أنه بشكل مبدئي يمكن استنتاج أن هذه الإجراء سيؤدي حتما إلى خفض حجم الواردات السلعية من السلع الأجنبية، ومن المواد الخام للسلع المنتجة محليا، وكذلك إلى زيادة الإيرادات الضريبية.

بقية النص الذي لم ينشر في الصحيفة:
• فرض ضريبة بين 5 الى 15% على 71 سلعة مستوردة، لم تتم وفق دراسة علمية مستفيضة لتحدد الاثار المحتملة على كل من اعادة توزيع الدخول ، وانخفاض حجم الواردات وعلى تشجيع ودعم السلع المنتجة محليا. وعلى الرغم من انه بشكل مبدئي يمكن استنتاج ان هذه الاجراء سيؤدي حتما الى خفض حجم الوردات السلعية من السلع الاجنبية ومن المواد الخام للسلع المنتجة محليا ، وكذلك الى زيادة الايرادات الضريبية . الا انه يمكن القول بانها ستعمل على اعادة توزيع الدخول في غير صالح الطبقات الفقيرة والمتوسطة لانهم مستهلكي معظم هذه السلع ، ويتأكد من ذلك بان السلع المستوردة والمحلية الصنع زادت بنفسه النسبة في السوق، مالم يتم النزول الميداني لتحديد اسعار الجملة والتجزئة..!! ، وهذا ينعكس ويفاقم الاثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة مما يعني زيادة التكلفة الاجتماعية. على سبيل المثال : من يستهلك المرق والدخن والزبادي؟؟!! ولماذا لم تتخذ الحكومة بايقاف والحد من الانفاق العام الترفي ؟؟
• عدم الوضوح ايضا في كيفية تفويض البنوك التجارية في التعامل ببيع وشراء العملات الاجنبية؟ فهل سيتم رفدها من قبل المركزي؟ ولمن سيتم البيع والشراء؟ وهل ستكون قادرة على الايفاء بطلبات المضاربين ايضا؟ وما مدى تغلغل الفساد الى هذه الالية؟ وهل سيتم فتح مكتب ينظم عمليات الصرف؟؟

اذا لم يتم العمل على وقف انتشار الفساد وتفكيك تحالفاته وتصحيح الوضع بمحاسبة الفاسدين والمتنفذين واحالتهم الى القضاء، والقيام بوضع اليات وسياسات سياسات مالية ونقدية حازمة وفق دراسات علمية مستفيضة وعميقة تهدف الى احداث تغيير جذري في البنية الانتاجية تؤدي الى زيادة الصادرات والحد من زيادة الوردات وتهدف الى جذب الاستثمارات، فسوف تظل الاليات المتخذة عقيمة ولانفع منها، ولن نستطيع اقناع المانحين في مساعدتنا ودعمنا للخروج من وضعنا الحالي. ، الامر الذي يعني العودة الى "المربع الاول" وضع ماقبل الاصلاح الاقتصادي وانهيــــــار الريال.

هناك تعليق واحد:

  1. وللمزيد ينصح قراءة مقالة الدكتور محمد الافندي على الرابط التالي
    http://www.ycfss.com/userfiles/files/pdf/Crisis-of-the-Yemeni-riyal,to-where.pdf

    ردحذف