الجمعة، 9 أبريل 2010

السرية المصرفية

ايجابيات وسلبيات : أما الدكتور صلاح ياسين المقطري أستاذ الاقتصاد والتمويل المساعد بجامعة صنعاء، فيعرف السرية المصرفية " Banking secrecy" بانها قواعد تلزم المصارف بحفظ أسرار العملاء والمعلومات المتعلقة بهم وعملياتهم المصرفية باعتبار ان المصرف مؤتمنا عليها . مشيرا الى ان علاقة المصارف مع العملاء تقوم بناء على ثقة وكتمان المصارف لأسرارهم. ووافق الدكتور المقطري على ان السرية تعد احد اهم مقومات العمل المصرفي والتي تزرع الثقة والطمأنينة لدى أصحاب رؤوس الأموال بسرية أعمالهم المصرفية وكافة المعلومات المتصلة بثرواتهم ،وبالتالي فان هذه القواعد توفر الغطاء القانوني الملائم لمنع هروب رأس المال الوطني الى خارج البلاد وتشجع المدخرات الوطنية خاصة لدى تلك الدول التي لاتمتلك موارد طبيعية كبيرة ، هذا من جهة ، وتعمل على جذب واستقطاب رؤوس الأموال والاستثمارات الاجنبية في المشاريع الوطنية ، خاصة تلك التي لاتتمتع بلدانها بهذه الميزة من جهة اخرى. مؤكدا ان سرية العمل المصرفي تنعكس ايجابا على نمو العمل المصرفي وبالتالي على تعبئة الموارد وتوظيفها وتحقيق نمو اقتصادي. وقال المقطري" على الرغم من عدم صدور قانون خاص بالسرية المصرفية في اليمن ، الا أن هناك مواد وفقرات في قانون البنك المركزي ، وقانون مكافحة غسيل الأموال حددت بشكل غير مباشر حدود اختراق المعلومات وسرية البيانات وكذلك الحالات التي يحق لوحدة جمع المعلومات طلب تلك المعلومات الخاصة بالعملاء وتبادلها. واستشهد بالعديد من النصوص القانونية ومنها ما جاء في المادة رقم (45) من قانون البنك المركزي الفقرة (أ) التي تنص "على ان كل بنك ومؤسسة مالية ان تقدم للبنك في الوقت وبالطريقة التي يحددها أية معلومات او كشوفات يطلبها لتأدية مهامه واختصاصاته" ، والفقرة (ب) تقول "للبنك ان ينشر صورة كاملة أو جزئية في الأوقات التي يقررها المعلومات المقدمة بموجب الفقرة (أ) من هذه المادة ولاتنشر اية معلومات تكشف عن الأصول المالية لاي بنك أو مؤسسة مالية الا اذا حصل البنك على موافقتها الكتابية مقدما"، كما اخضع عدم التزام المصارف او المؤسسات المالية للعقوبات في المادة (46) الفقرة (2) في حال مخالفة الفقرة (أ) في المادة (45) . لكن أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء عاد ليؤكد ان للسرية المصرفية سلبيات ، خاصة انها تعد أهم العوامل المساعدة والتي توفر المناخ الملائم لعملية غسل الأموال والتي يتم خلالها خلط أموال شرعية بغير شرعية ، بالإضافة إلى العوامل المساعدة الأخرى مثل : التجارة الحرة ، تطور وسائل الاتصالات والتسهيلات الضريبية وتدفق الأموال بحرية ، وتسهيلات الإقامة ...)، وما يرتبط بذلك من أنشطة تعود سلبا على الاقتصاد والمجتمع وتتمثل في الاتجار بالمخدرات والرشوة والاحتيال في القطاع الخاص والعام والفساد الإداري والعمولات التي يحصل عليها المسؤولون في أجهزة الدولة وتهريب الأموال العامة وتجارة السلاح والتهرب الضريبي. فتعمل على تبذير أموال المجتمع وما ينجم عنه من تحويلات مالية كبيرة خاصة في الدول سهلة الاختراق التي تتمتع بسرية مصرفية كبيرة والتي تولد ضعف الثقة في الاقتصاد الوطني ، وتساعد على تفاقم القيم الفاسدة في المجتمع وتحمي الفئات الخارجة عن القانون، وتؤثر سلبا على أسواق المال ومستويات سعر الصرف لقدرتهم في التأثير عليها ، وكذلك تعمل على تشويه وتوزيع الثروة بطريقة غير عادلة. ودلل الدكتور صلاح المقطري على مخاطر وسلبيات غسيل الأموال والناتجة عن السرية المصرية بالخطوات التي اتخذتها مجموعة العمل الدولية لمكافحة غسل الأموال قبل نحو 30 عاما وتحديدا عندما أصدرت 40 توصية عام 1989 متعلقة بهذا الجانب وألحقتها بثمان اخرى ، واهم ما جاء في تلك التوصيات : تجريم عمليات غسل الأموال والتأكيد على مسئولية المؤسسات المالية والمصرفية في التعرف على عملائها والاحتفاظ بالسجلات اللازمة ، كما تم التأكيد على مسؤوليتها (المؤسسات المالية والمصرفية) في رفع تقارير بالعمليات المشبوهة الى السلطات المعنية. وبعدها أصدرت لجنة بازل بيانات وإرشادات ومبادىء أساسية متوائمة مع توصيات مجموعة العمل الدولية ، فمنعت استخدام القطاع المصرفي لأغراض غسل الأموال (1988) وإزالة القيود الخاصة بسرية الحسابات في العام (1995) ولتعزيز الإجراءات المصرفية للحيلولة دون استخدام المصارف كقنوات لأغراض غير مشروعة . وفيما يتعلق بنظرته إلى الوضع في اليمن ،يؤكد الدكتور المقطري ان قانون مكافحة غسل الأموال اليمني الذي صدر مطلع العام الجاري عمل بشكل كبير على الحد من السرية المصرفية ، والتي كانت محدودة أصلا ، فالقانون لم يجز الاحتجاج عن التحقيق او المحاكمة القضائية لمبدأ سرية الحسابات في جرائم غسل الأموال ومعاقبة المؤسسات المالية والمصرفية في حال عدم إبلاغها وحدة جمع المعلومات عن عمليات غسل الأموال. ونصت المادة (50) من قانون مكافحة غسل الأموال " لايجوز الاحتجاج بالسرية المالية والمصرفية في مواجهة وحدة المعلومات او السلطات. ، كما نصت المادة (32) " يجوز للوحدة ’وحدة جمع المعلومات’ من تلقاء نفسها او بناء على طلب وحدات مناظرة لها في الدول الاخرى حق تبادل المعلومات متى كانت ملتزمة بقواعد السرية وشرط المعاملة بالمثل على ان يتم موافاة اللجنة ’(اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب)’ بصور من تلك المعلومات ولايجوز ان تستخدم تلك المعلومات الا في الأغراض المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبشرط الحصول على موافقة الجهات المقدمة لتلك المعلومات. كما الزم القانون المؤسسات المالية والبنوك من التعرف على هوية عملائها وتوثيق عملياتها المالية ، وهذا ما أوضحته المادة (7) والتي تنص " تلتزم المؤسسات المالية وغير المالية ببذل العناية الواجبة في التعرف على هوية العملاء والمستفيدين الحقيقيين من الأشخاص الطبيعيين او الاعتباريين والتحقق منها وأهمها: 1-عند القيام بعملية لعميل عابر تزيد قيمتها عن الحد الذي تبينه اللائحة او عند القيام بتحويلات برقية محلية او دولية تزيد عن الحد الذي تبينه اللائحة. 2-عند وجود شكوك حول دقة او صحة بيانات التعرف المسجلة سلفا. 3-وجود شبهة جريمة غسل أموال او تمويل إرهاب. كما نصت المادتين الثامنة والتاسعة بان تلتزم المؤسسات المالية وغير المالية بتحديث البيانات والمعلومات والمستندات والخاصة بالحالات المنصوص عليها في المادة السابعة كما تلتزم بالمتابعة الدقيقة والمستمرة للعمليات التي يقوم بها العملاء بما في ذلك مصادر أموالهم عند اللزوم. ودعا المقطري الى إصدار قانون للسرية مصرفية ، يعمل على تحقيق التوازن بين المصلحة العليا للدولة والمصلحة الخاصة للمتعاملين مع المصارف ، بحيث يكفل الأساس القانوني لحماية امن المدخرين والمستثمرين من كشف حساباتهم و أسرار تجارتهم ، كما يضمن عدم استخدام مبدأ السرية لحسابات العملاء ويصبح شعارا لإخفاء عمليات مشبوهة. وخلاصة القول ، فان للسرية المصرفية تأثيرين متضادين ايجابي وسلبي ويجب ان تكون لها حدودها بحيث لاتكون مشبوهة لانه اذا تجاوزت هذه السرية مصالح الناس والمجتمع فيجب تشريع قانون بذلك بشرط ان يتم اختراق السرية ويتجاوزها فيفقد العملاء والمستثمرين ثقتهم بالعمل المصرفي.

هناك تعليق واحد:

  1. موضوع جدا رائع واجاب على عدة تساؤلات كانت لدي
    ويكفي ان أنك انت
    كاتب هذا الموضوع

    ردحذف