الأحد، 28 مارس 2010

الاصلاح الاقتصادي


الإثنين , 15 مارس 2010 م
*بعد ما يقارب 15 عاماً لتفادي الكارثة.. المخاطر تتزايد

* استطلاع: أشرف الريفي

منذ العام 95 بدأت بلادنا بتنفيذ إصلاحات إقتصادية لإنقاذ الإقتصاد الوطني من الإنهيار وتفادي كارثة كانت وشيكة.
ومنذ ذلك الحين لا تزال بعض جزئيات البرنامج الاقتصادي لم تنفذ كاملة، ناهيك عن اختلالات ومشاكل رافقت عملية تنفيذ هذا البرنامج.
"النداء" ناقشت مع عدد من الاقتصاديين المتخصصين هذه التجربة بإيجابياتها وسلبياتها ومعوقات نجاحها.
وبعين الاقتصادي المتخصص نقدم لكم شرحا مفصلا ومفيدا لتجربة هامة من تجارب الاقتصاد الوطني، تم تناولها من قبل عدد من أساتذة الاقتصاد بمنظور تقييمي وفني بحت.. فإلى الحصيلة:

في البداية يقول الدكتور صلاح ياسين المقطري أستاذ الاقتصاد والتمويل المساعد بجامعة صنعاء، إن اليمن عانت في العام 94، العديد من الاختلالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ووصل الوضع الاقتصادي الى حد كارثي، وبرزت مؤشراته بتدهور مستمر في سعر الريال وانخفاض حاد للقوة الشرائية (معدلات مرتفعة للتضخم)، وعجز موازنة مزمن، وسعر ادخار سالب، ومعدل نمو سالب للناتج المحلي الإجمالي، ناهيك عن معدل بطالة مرتفع، وعجز كبير في ميزان المدفوعات، وانخفاض حاد وكارثي في احتياطي اليمن من العملات الصعبة، وأصبح يغطي فقط ما يساوي واردات 45 يوما، فيما الديون الخارجية وصلت الى ما يقارب الـ10 مليارات دولار، وانعدام ثقة الدائنين في الاقتصاد اليمني.
وأكد المقطري أن هناك عوامل عديدة ومتشابكة ساهمت في ظهور تلك الاختلالات وتفاقمها، كان أهمها اندماج اقتصادين مختلفين أيديولوجياً، وما رافق ذلك من اختلالات وتشوهات بسبب عدم قيام الوحدة على أسس مدروسة وممنهجة، ولم تحدد الإجراءات والخطوات التنفيذية بشكل واضح، فكثير منها قامت على المحاصصة بين صانعي الوحدة، وتربص كل طرف بالآخر، مما أدى إلى نمو شعور بعدم الثقة بينهما. إضافة إلى موقف اليمن الداعم للعراق ونظامه في حرب الخليج الثانية وغزو الكويت، الأمر الذي أدى إلى عودة ما يقارب المليون مغترب من دول الخليج، ما أفقد اليمن تحويلاتهم المالية، وشكلت عودتهم عبئاً إضافياً على الاقتصادي اليمني، وعدم قدرته على استيعابهم. كما أدى ذلك إلى قطع وتخفيض حاد في المساعدات والمنح والقروض المقدمة لليمن من دول الخليج والدول الكبرى والمنظمات الدولية. ناهيك عن فاتورة الحرب بين فرقاء الوحدة، الأمر الذي زاد من ثقل الأعباء الاقتصادية والسياسية.
وقال المقطري إن اللجوء إلى صندوق النقد الدولي كان خيارا وحيدا للخروج من العزلة السياسية ولوقف تدهور الاوضاع الاقتصادية وإزالة الاختلالات والتشوهات السعرية والهيكلية وزيادة الكفاءة الاقتصادية ودمج الاقتصاد المحلي في الاقتصاد الدولي وفقا لروئ وشروط صندوق النقد والبنك الدوليين رغبة في إعادة تدفق الدعم الخارجي سياسيا واقتصاديا.
ويرى أن برنامج الإصلاح حقق في مراحله الأولى "التثبيت الاقتصادي" من استمرار استقرار بعض المؤشرات الاقتصادية الكلية، مثل سعر الصرف، معدل التضخم، عجز الموازنة في حدود آمنة، وعدم تمويله تضخميا، ومعدل موجب للناتج المحلي الإجمالي، وفائض في ميزان المدفوعات لعدد من السنوات.. ويمثل ذلك الإيجابية الوحيدة من تطبيق البرنامج.
ويقول المقطري إن ارتفاع أسعار كميات النفط واعتماد الحكومة عليه، أدى إلى عدم التقيد ببرنامج الإصلاح، وتقاعس ولامبالاة في التنفيذ الدقيق للكثير من سياساته، واعتقدت أن النفط سيغطي على العيوب والاختلالات التي رافقت تطبيق وتنفيذ البرنامج، الأمر الذي انعكس سلبا على الوضع الاقتصادي بشكل عام.
وأشار إلى أن ذلك أدى إلى ظهور اختلالات وتشوهات كبيرة بجانب الآثار الاجتماعية التي نجمت عن تطبيق البرنامج في مراحله الأولى حتى الآن، منها اعتماد الاقتصاد اليمني على العالم الخارجي لتلبية حاجياته، وبالتالي زيادة الواردات بشكل كبير، ولم تحقق الصادرات غير النفطية نموا مرتفعا كانعكاس لتخفيض وتحرير الريال.
ومن الاختلالات التي نجمت -حسب المقطري- استمرار مرحلة التثبيت الاقتصادي لفترة طويلة، وكذلك التصحيح والتكييف الهيكلي لم يتم الانتهاء منه، مما يعني استمرار معاناة شريحة كبيرة من فئات المجتمع، فلا يمكن جني ثمار برنامج الإصلاح إلا بعد الانتهاء من تنفيذ جميع سياساته كمنظومة متكاملة.
وقال إن زيادة معدلات البطالة، تعني أن البرنامج عجز عن تحقيق معدلات مرتفعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، قادرة على امتصاص العمالة وتوفير فرص جديدة. كما أن زيادة معدلات الفقر تعد من التشوهات الناتجة كون البرنامج أحدث في مراحله الاولى آثاراً اجتماعية شملت شريحة كبيرة بما فيها فئة ذوي الدخل المحدود، ولم تستطع الاجراءات الاخيرة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، التخفيف من الفقر، بالإضافة إلى أن الحكومة حرمت من دعم مباشر نتيجة عدم مصداقيتها في تنفيذ البرنامج بسبب الفساد المالي والإداري.
ويضيف المقطري أن الحكومة لم تستطع سد الثغرات في التشريعات القضائية والتجارية وتفعليها، الأمر الذي انعكس سلبا في تنفيذ كثير من أجندة برامج الإصلاح، وبالتالي أصبحت البيئة غير ملائمة أو جاذبة للاستثمار المحلي أو الأجنبي. مشيرا إلى أن الاختلالات الإدارية والمؤسسية استمرت، فاستراتيجية الأجور خُلقت مشوهة، والفساد الإداري والمالي تفاقم، والشفافية لم تظهر الى النور. وكذلك لم تستطع استراتيجية الأجور تحفيز التعليم، بل زادت من تشوهات الجهاز الإداري.
وقال إن البرنامج الاقتصادي ساهم في تصفية وتحويل وبيع وحدات من القطاع العام الى القطاع الخاص بأسعار بخسة كان يمكن لها أن تستمر إذا ما تم إعادة هيكلتها، كما أن ذلك لم يتم بناء على دراسات علمية تراعي الآثار الناجمة. كما أن تخفيض التعرفة الجمركية، لم يؤد إلى تحسين أو الاستفادة من مزايا الاندماج مع العالم الخارجي، بل أدى إلى فقدان موارد كبيرة كانت الدولة تجنيها، ولم يتم فرض شروط معينة تراعي إمكانيات البلد، وحتى الآن لم نستطع الانضمام الى منظمة التجارة العالمية للاستفادة من بعض الشروط التي تستفيد منها الدول الأقل نموا.
وفي الإجمال يقول الدكتور المقطري إن برنامج الإصلاح الاقتصادي حقق استقرارا في بعض مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي (الإيجابية الوحيدة)، وهذا يعني نجاحاً نسبياً لمرحلة التثبيت الاقتصادي، ولم تستطع الحكومة تنفيذ برنامج التصحيح الهيكلي أو برنامج التخفيف من الفقر، وتطبيقه كمنظومة متكاملة.
وأضاف: "يلوح حاليا في الأفق، عدم استقرار بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي، وما نخاف منه، العودة إلى "المربع الأول"، أي إلى وضع ما قبل تنفيذ البرنامج، حيث ارتفع عجز الموازنة العامة للدولة، نتيجة انخفاض أسعار وكمية النفط، وهناك عجز في ميزان المدفوعات، ومعدل ضعيف للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وارتفاع معدل التضخم، وتآكل الاحتياطيات من العملات الأجنبية، فأصبحت تغطي فقط ما يساوي 7 أشهر من الواردات، والذي انعكس بشكل انخفاض في قيمة الريال أمام الدولار، برغم ضخ البنك المركزي لعملة أجنبية على مدى العام الأخير ليصل أكثر من مليار دولار".. متسائلا: إلى متى يستمر هذا النزيف؟
وحول توجه الحكومة الى رفع جزئي للدعم الموجه للمشتقات النفطية من خلال رفع أسعارها مؤخرا.. اعتبر المقطري أن هذا التوجه يهدف لتبني سياسات تقشفية ربما تستمر لسنوات عديدة لمنع انهيار اقتصادي.

تدخل البنك المركزي

الدكتور/ صلاح ياسين المقطري أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة والاقتصاد جامعة صنعاء أشار إلى وجود علاقة عكسية بين استمرار البنك في التدخل بضخ عملات صعبة وبين الاحتياطي من العملة الأجنبية حيث أفاد بالقول: إذا لم تتم معالجات حقيقية لزيادة صادرات اليمن وزيادة في نمو الناتج القومي االحقيقي، فالعملة ستواصل مسلسل التدهور وسيقابله انخفاض في الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية معتبرا تراجع الاحتياطي الإجمالي من 8 مليارات دولار عام 2008م إلى 6.7 مليارات دولار في أواخر 2009م وبمقدار مليار و300 مليون دولار مؤشر خطير على انهيار الاحتياطات من العملات الأجنبية وأشار الدكتور/ المقطري إلى أن الاحتياطي النقدي الحالي لا يكفي لتأمين شراء احتياجات 8 أشهر، متسائلا كم سيتدخل البنك؟!
وحول المعالجات السريعة اعتقد المقطري أن الحكومة ستقدم على رفع الدعم عن الديزل لمعالجة انهيار الاحتياطات والحفاظ على استقرار العملة واستبعد أن تقدم الحكومة على رفع الدعم عن الديزل المقدر بـ800 مليون دولار سنويا في المستقبل القريب وفي ختام تصريحه أشار المقطري إلى أن طباعة فئة الريال اليمني قد تكلف عشرة ريالات وحول الحد من إتلاف العملة أشار إلى أن حلول ذلك مرهونة بالتداول الإلكتروني عن طريق بطائق الائتمان ونحن في اليمن لا زلنا بعيدين عن تطبيق هذه الآلية. علما بأن البرلمان يوصي الحكومة بثبات منذ 2003م إلى 2009م على مراجعة السياسات النقدية والائتمانية لتحقيق استقرار ونمو اقتصادي من شأنه أن يخلق بيئة مواتية للاستثمارات المحلية والأجنبية.

الاثنين، 1 مارس 2010

الحوار

السبيل الأسلم
> فيما الدكتور صلاح ياسين أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة صنعاء يقول:
>> الحوار هو السبيل الأسلم والأكثر نجاعة والأجدى اقتصاديا واجتماعيا لتجاوز الخلافات والاختلافات وللتغلب على جميع الاختلالات التي تعاني منها اليمن، فالجهود تتضافر ويسود التعاون بين جميع الأطراف إذا ما تم التوصل إلى تسوية مرضية للجميع.
ورغم تأخر الدعوة للحوار، فسيظل خيار الحوار مطلب وطني وملح وضرورة في ظل ما وصلت إليه اليمن من تردي وما تمر به والذي جعلها في وضع حرج تتجاذبها الأخطار من كل حدب.
وأتمنى أن لا يكون الحوار نفسه نسخة مكررة ، ليتمترس كل طرف في خندقه متربصا بالأخر ومتسم بعدم الثقة المتبادلة لتصل إلى طريق مسدود أكثر توترا قبل بدء الحوار.
فمن وجهة نظري، فهذا الحوار يمثل الفرصة الأخيرة لحل أزمات ومشاكل اليمن سلميا وبتكلفة اقل اقتصاديا واجتماعيا بعد أن سادت لغة القوة وعدم الرغبة في تفهم وسماع رأي الأخر باعتباره شر محدق . فالجدية في الحوار أمر جوهري وأساسي لنجاحه وان يتم تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية الآنية الضيقة.
لاشك بان الحوار سيكون أكثر جدوى ونفعا إذا شمل جميع الأطراف والفر قاء السياسيين دون استثناء ، بشرط رفع سقفه والبحث على نقاط الالتقاء وتجاوز نقاط الخلاف وان يتحلى بالثقة المتبادلة والترفع عن المماحكات للاتجاه نحو الشراكة والمساهمة في البناء لا بفرض الرأي ورغبة الاستحواذ على السلطة ليتم تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الفردية الضيقة الآنية.
وبالتالي فإن المطلوب من كافة الفعاليات السياسية المشاركة الفاعلة في هذا الحوار كونه لابديل عنه في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد.