الاثنين، 31 يناير 2011

تضارب البيانات الاقتصادية


      تعدد مصادر البيانات مثل(الجهاز المركزي للاحصاء والبنك المركزي ...)، وتعدد طرق حسابها لعدم وجود منهجية واحدة في احتساب المؤشرات لدى تلك الجهات. وتسابق بعض المسؤلين والجهات وتسرعهم قبل معالجة البيانات للاعلان عن احصائيات تفتقر الى مقومات الدقة العلمية بهدف تحقيق مصالح شخصية، واعتماد البعض في تصريحاتهم على البيانات الاولية والتقديرية والتي تتغير بعد ان تكون بيانات وارقام فعلية. وعدم توفر مسوحات دورية توفر بيانات احصائية دقيقة بالاضافة الى عدم التزام بعض الجهات للحصول على بيانات اكثر دقة وشمولية وعلمية. تعد اهم اسباب تناقض البيانات الاقتصادية الصادرة عن الجهات والمؤسسات الرسمية.
هذا فضلا عن تأثير الفساد والتسيب الاداري الذي يؤدي الى صدور ارقام وبيانات غير دقيقة من اكثر من جهة. كما ان غياب الشفافية ادى الى حجب بعض البيانات التي لا تصب في صالح الجهات الحكومية والتي يمكن ان تثير كثير من البلبة والسخط الشعبي مما جعل بعض الجهات الرسمية بالتلاعب وتجميل البيانات التي تصدرها.

بالاضافة الى ذلك، بعض المفاهيم تحمل اكثر من مفهوم وبالتالي تتعدد الارقام الخاصة بها مثل البطالة فهناك البطالة السافر والبطالة الكلية ...، وكذلك الفقرالمطلق والفقر العام .. والناتج القومي الاجمالي، والناتج المحلي الاجمالي والناتج القومي الحقيقي ... ويعود الخلط وعدم فهم تلك المصطلحات واعتبارها مفهوم واحد للجهل بالمصطلحات الاقتصادية او تحدث عن قصد لتضليل الناس ويحدث ذلك وفق الموقف الذي يستدعي التصريح فعندما يرغب المسؤلين استجداء عطف المانحين فانها تصرح بالارقام المعبرة اكثر عن الحالة التي تعيشها البلد، وعندما يصادف ذلك بهدف استجداء الناخبين فانهم يشيرون الى الارقام التي توحي بان الوضع في البلد لايزال بخير وان الاقتصاد يسير الى الامام بوتيرة عالية.

ونظرا لكل لذلك وان البيانات الحكومية لا تتسم بالدقة والشمول وبالتالي يحدث التزييف للكثير من الحقائق، وعلى رأسها نتائج التعداد السكاني، دفع الكثيرين من الباحثين والمهتمين بالاعتماد الى بيانات صادرة عن منظمات دولية مثل البنك الدولي .. والى الحسابات التقديرية لايجاد بيانات يرونها تتوائم وتتوافق مع الواقع وتلامسه.

توحيد مصدر البيانات يمثل الوسيلة الوحيدة لضمان بيانات موحدة غير متضاربة، واجراء تعداد سكاني يقل فيه هامش الخطأ ليكون اساس العمليات الحسابية للمؤشرات الاقتصادية يتزامن معه تنفيذ عدد من المسوحات الاقتصادية وباشراف عدد من المتخصصين والخبراء في الشأن الاحصائي والاقتصادي، وان يتم الاعلان عنها بكل شفافية دون تعديل يرجى منه تحقيق مآرب سياسية أي العمل على توحيد المنهج العلمي لاحتساب المؤشرات الاقتصادية لايجاد وجود قاعدة بيانات دقيقة قادرة على تشخيص الواقع واصدار مسوحات دورية منتظمة ، لان صانع القرار بحاجة الى بيانات دقيقة تساهم في صياغة الاستراتيجيات والسياسات التنموية بالشكل العلمي فضلا عن اهميتها للمهتمين من مستثمرين محليين ودوليين وجهات مانحة لتكسب الدولة ثقتهم.

فوجود بيانات غير دقيقة تجعل الدراسات العلمية لاجدوى منها ويبنى عليها سياسات بعيدة عن الواقع مما يؤدي الى فشلها، حيث يحدث تظليل للباحث والمهتم، وبالتالي تعيق عملية التنمية.

نشر في صحيفة السياسية العدد 21128 يوم الاحد الموافق 2 يناير 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق